قلقيلية-غزة/ جمال غيث:
لم يكن إغلاق ملف التحقيق في جريمة قتل الشاب علي حرب (27 عامًا) من بلدة اسكاكا شرق مدينة سلفيت شمالي الضفة الغربية المحتلة التي نفذها مستوطن بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي هو الأول من نوعه، بل سبقته سلسلة من إغلاق الملفات، كملف الشهيد أحمد حجازي الذي استشهد في أبريل/ نيسان 2021، والشهداء موسى حسونة من مدينة اللد، ومصطفى يونس من عارة، ويعقوب أبو القيعان من النقب، وسند حاج يحيى من الطيبة.
ويأتي تجرؤ الاحتلال على إغلاق ملفات جرائم القتل التي يمارسها جيشه ومستوطنوه بحق أبناء شعبنا بسبب الصمت الدولي المطبق وبطء المحكمة الجنائية الدولية في محاسبته على تلك الجرائم، ما ينذر بارتكاب مزيد من تلك الجرائم، وفق مختصين.
واستشهد الشاب حرب في 21 يونيو/ حزيران الماضي، بعدما طعنه مستوطن بسكين في صدره خلال وجوده في أرضه ببلدة "اسكاكا". وذكرت قناة "كان 11" العبرية أن شرطة الاحتلال قررت الجمعة الماضية إغلاق ملف التحقيق مع المستوطن المتهم بطعن الشاب "حرب" حتى الموت خلال مواجهات مع المستوطنين قرب مستوطنة "أرائيل"، لافتة إلى أن الشرطة اقتنعت برواية المستوطن (44 عامًا) بأنه نفذ جريمته دفاعًا عن النفس، وفق زعمه.
وأكد مدير مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية حلمي الأعرج أن الاحتلال طوال الأعوام الماضية يستبيح الدم الفلسطيني ولا يحقق في جرائم جنوده ومستوطنيه، وفي حال حقق فسرعان ما يغلق الملف ويُبرئ القتلة.
وعد الأعرج في حديث لصحيفة "فلسطين" أن إغلاق ملف التحقيق في جريمة قتل "حرب" ليس بالأمر الغريب على الاحتلال العنصري الذي يسترخص الدم الفلسطيني ويشجع المستوطنين على مواصلة جرائمهم بحق الفلسطينيين، مؤكدا أن غياب معايير المحاكمة العادلة يرقى لجريمة حرب وفق ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، من خلال التستر على القاتل وغياب المحاسبة والمساءلة عن الدم الفلسطيني المراق.
وشدد على ضرورة التوجه لكل المحافل الدولية ومحاسبة الاحتلال على جرائمه التي ترقى لجرائم حرب وضد الإنسانية، ولا تسقط بالتقادم، مستغربا بطء عمل المحكمة الجنائية الدولية في تعاطيها مع الملفات الفلسطينية لمحاسبة الاحتلال ومستوطنيه.
فرض عقوبات
في حين لم يستغرب المدير العام لمؤسسة الحق، والأمين العام للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان شعوان جبارين من إغلاق الاحتلال ملف جريمة قتل الشاب "حرب".
وقال جبارين لـ"فلسطين": إن كان مرتكب الجريمة هو المحقق والقاضي ففي النهاية سيكون الحكم لمصلحته، مشيرًا إلى أن الاحتلال وصل إلى مراحل متقدمة بجرائمه ويستحيل نقاشه أو النظر لجرائمه وأفعاله بمنطق المعايير أو بالمنطق.
وأضاف أن الاحتلال لديه سياسة عدم مساءلة الجندي أو المحقق عن جريمته، لأن هذا سلوك وممارسة طبيعيان، مشيرًا إلى أنه منذ نحو 10 أعوام لم تتم مساءلة أي جندي أو ضابط إسرائيلي على ارتكابه جرائم ضد الفلسطينيين.
واعتبر أن عدم محاسبة الاحتلال جنوده يؤكد وجود سياسة رسمية لحمايتهم، مؤكدًا أن جريمة قتل "حرب" تمت في وضح النهار وبشكل عمد من المستوطن المجرم، فلا يعقل إغلاق الملف دون محاسبة القاتل.
ورأى أن طي ملف الشهيد "حرب" يدلل على أن الاحتلال يعمل وفق سياسة الإفلات من العقاب للتهرب من تبعات جرائمه وإرهابه بحق شعبنا وشعوب المنطقة، داعيا إلى ضرورة فرض العقوبات على الاحتلال وإنهاء سياسة إفلاته من العقاب من خلال مساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين دوليا.
وطالب المؤسسات الدولية بالتحرك على كل الأصعدة وتقديم شكاوى ضد الاحتلال، وتجنب التباطؤ الذي يسود عملها، كي نجنب شعبنا مزيدًا من القتل.
عصابات المستوطنين
وعدّ مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس إغلاق الاحتلال ملف التحقيق بجريمة قتل الشاب "حرب" ضوءا أخضر للمستوطنين لارتكاب مزيد من الجرائم ضد الفلسطينيين.
وقال دغلس لـ"فلسطين" إنها ليست المرة الأولى التي يبرئ بها الاحتلال مستوطنين ارتكبوا جرائم بحق الفلسطينيين، والتي باتت نهجًا متبعًا لفرض سطوتهم على الأراضي الفلسطينية، متوقعا تفاقم جرائمهم خلال المرحلة القادمة في ظل صمت الاحتلال عنها، وتوفير الحماية لهم، وعدم وجود قانون يردعهم "فهم يعدون أنفسهم فوق القانون".
والغريب في الأمر، والقول لدغلس، أن شرطة الاحتلال باتت تستمد القوة وتتلقى الأوامر من عصابات المستوطنين المدججين بالسلاح، منوها إلى تصاعد انتهاكاتهم كقطع الأشجار وحرقها وإغلاق الطرق بين المدن وإطلاق الرصاص على المواطنين وفي الهواء، وتحطيم سياراتهم.
وانتقد حالة الصمت الدولية تجاه جرائم الاحتلال ومستوطنيه، مؤكدا أنه لم يبقَ أمامنا سوى توسيع رقعة المقاومة الشعبية. ودعا السلطة إلى اتخاذ إجراءات جدية في المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة الاحتلال على جرائمه.