لم يكن قرار نادي شباب الخليل تعليق مشاركته في بطولات اتحاد كرة القدم مجرد قرار كُتب على ورق، فقد ترجمته إدارة النادي بقيادة مثقال الجعبري على أرض الواقع بعدم خوض مباراته في بطولة كأس "أبو عمار"، تأكيداً أنه صاحب حق، وأنه لن يُفرط بحقوقه تحت أي ظرف من الظروف.
ولأن الحقوق تُنتزع ولا تُمنح، فقد قرر شباب الخليل أن يكون قائداً بكل ما تعني الكلمة من معانٍ، وقرر أن يحصل على حقوقه وحقوق غيره بقوة المنطق لا بمنطق القوة التي تُمارس على الرياضة الفلسطينية منذ 15 عاماً.
لقد استوقفني قرار شباب الخليل المطالبة بحقوقه المالية والمعنوية من اتحاد كرة القدم، ولا أستطيع المرور عن قراره مرور الكرام، ولا سيما أنه جاء في ظل الحالة المتردية للرياضة الفلسطينية عامة، وكرة القدم على وجه الخصوص، وعليه لا يسعني إلا التعبير عن بالغ تقديري واحترامي لإدارة النادي التي عبرت عن حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها تجاه فريقها وجماهيرها.
كما استوقفني ما كتبه الصديق ناصر السلايمة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، عندما نقل حرفياً فحوى المكالمة الهاتفية التي جمعته مع رئيس النادي مثقال الجعبري "أبو علاء"، التي تضمنت موقفاً غير مسبوق لرئيس نادٍ فلسطيني، عندما قال حرفياً نقلاً على لسان الجعبري: "تحدث الرجل بمنتهى اللباقة والمهنية أننا ما عادت تناسبنا جلسات الخطابة والأسياد والعبيد".
إن هذا الموقف الرجولي والشجاع من رجل وطني وشجاع، يُعطينا الأمل بأن الخير ما زال في رجالات الرياضة الفلسطينية التي لا يُمكن أن تسكت عن ضياع الحقوق ولا تقبل الاستخفاف بمكانة وقيمة الأندية، ولا تقبل بمبدأ "الأسياد والعبيد" مثلما قالها الجعبري.
إن موقف الجعبري ونادي شباب الخليل موقف يستحق أن نُشيد به، ويستحق أن ندعمه، ويستحق أن نقف أمامه باحترام، ليس من باب الوقوف إلى جانب طرف على حساب طرف آخر، فاتحاد كرة القدم هو اتحاد أولادنا وأحفادنا من بعدنا مثلما كان اتحاد الآباء والأجداد من قبلنا.
إن موقفنا في الإعلام الرياضي مبني على قاعدة الحق، وعلى قاعدة حق الأندية في أن تكون صاحبة موقف وصاحبة قرار، وليست أندية تابعة لا موقف لها ولا شخصية، فهي القاعدة التي تنطلق من بين جدرانها الرياضة بكل أنواعها، وعليه فهي صاحبة الحق في تقرير مصيرها ومستقبلها، وتحافظ على مكانتها وعلى شخصيتها.
لقد أثبت نادي شباب الخليل بقيادته الشجاعة أنه نادٍ كبير، وأن قيادته قيادة كبيرة، مقارنة مع أندية أخرى كثيراً ما اجتمعت، وكثيراً ما هددت بتعليق مشاركتها في بطولات اتحاد كرة القدم إن لم تحصل على حقوقها المالية والمعنوية، وهذه المقارنة ليست تقليلاً من شأن أندية وتفخيماً لقرار إدارة شباب الخليل، بقدر ما هي مقارنة بقرار نادٍ واحد ترجم قراره بالفعل وليس بالقول، مقابل أندية كثيرة أعلنت عن موقف وتراجعت عنه بعد ساعات قليلة مثلما حدث في اجتماع أندية غزة.
إن ما حدث في اجتماع أندية غزة أكد بما لا يدع مجالاً للشك أنها أندية يتم تسييرها بالـ"ريموت كونترول"، على عكس نادي شباب الخليل الذي اتخذ قراره ونفذه فوراً دون الأخذ بعين الاعتبار لأي ضغوطات، سواء كانت رياضية أو حزبية أو سياسية.
وهنا لا بُد من توضيح الواضح أصلاً، لمن يرى بعين واحدة، وهو أن اتحاد كرة القدم ليس مسؤولاً عن دعم الأندية مالياً، فالمسؤولية تقع على عاتق الدولة التي يُمثلها رياضياً المجلس الأعلى للشباب والرياضة، الذي يرأسه الفريق جبريل الرجوب، إلى جانب رئاسته لاتحاد كرة القدم واللجنة الأولمبية.
ولكن اتحاد كرة القدم مسؤول عن بعض النواحي المالية وكل النواحي المعنوية والإدارية، بما فيها حق الأندية البطلة عليه بتتويجها بما يليق بها بطلة لدوري المحترفين وغيره من بطولات رسمية في كل فلسطين.
كما لا يهمني إن كان هناك من فسر موقف وقرار شباب الخليل أنه قد يكون متفقا عليه مع اتحاد كرة القدم من أجل الضغط على المجلس الأعلى ومن ثم تسهيل مهمة المجلس في الحصول على منحة الرئيس، فما يهمني هنا هو حصول الأندية على حقوقها بكل الطرق المشروعة.