احتج الآلاف من الفلسطينيين العاملين بالداخل المحتل، أمس، على حواجز الاحتلال بمدن الضفة الغربية المحتلة، رفضًا لقرار السلطة تحويل أموالهم إلى البنوك، وتحصيل فوائد منها.
وأكد العمال أنهم سيواصلون كل أسبوع الاحتجاج، وعدم الذهاب إلى العمل بالداخل المحتل، حتى تتراجع السلطة عن تحويل أموالهم عبر البنوك المحلية، ورفع يدها كاملة عن ملف أجورهم، إذ يرون في هذا القرار مقدمة لاقتطاع أجزاء منها، على غرار ما يحدث مع رواتب موظفي السلطة، بزعم أن حكومة اشتية "تعاني أزمة مالية".
وجاء حراك العمال للأسبوع الثاني، إذ اعتصموا في 21 أغسطس/ آب على حواجز الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة، وأضربوا عن العمل، مع رفض السلطة التراجع عن قرارها.
ويغادر حوالي 200 ألف عامل فلسطيني يوميا من الضفة الغربية، للعمل في الأراضي المحتلة عام 1948، ويحصلون في المتوسط على أكثر من ضعف دخل أولئك العاملين في الضفة.
وأكد عامل البناء بالداخل المحتل، محمد حمدان، أن تحويل رواتب العمال إلى البنوك قرار ستستفيد منه السلطة ووزارة المالية بدرجة أولى، ثم البنوك، من خلال تحصيل فوائد وضرائب من تلك الأموال.
وقال حمدان الذي يسكن في مدينة الخليل في حديثه لـ"فلسطين": "أنا أعمل في الداخل المحتل منذ أكثر من 30 عامًا، وأحصل على راتب كل نهاية أسبوع بطريق الحقيبة، ولا يُخصم منه شيء، كما أحصل على بقية حقوقي ولا أرغب في تحويل راتبي إلى البنك".
وأضاف: "السلطة تدعي حاليًا أنها لن تحصل أي خصومات أو ضرائب على تحويلات العمال، لكنها غير صادقة، وتريد تشجيع العمال لتحويل الأموال عبر البنوك، وبعد مدة ستأخذ ضرائب عالية".
كما رفض العامل في أحد المطاعم، علي خلف، تحويل رواتب العمال إلى البنوك وتسليم أموالهم من خلال السلطة.
وقال خلف: "أعمل ساعات طويلة، وأتعب خلال اليوم من أجل تحصيل رزق أبنائي، وملاحقة السلطة لأموالي تهدف للاستثمار بها، وسرقتها، لذلك أنا أضربت للمرة الثانية".
وأضاف: "العامل يدفع تكاليف عالية خلال يومه، بدءًا من المواصلات التي تصل إلى 70 شيقلا يوميا حتى الوصول إلى مكان العمل في الداخل المحتل، و30 شيقلا طعام، ومئة وخمسين شيقلا لسماسرة التصاريح، والآن السلطة تريد أن تأخذ مزيدا من الأموال".
من جانبه قال العامل خالد الصعيدي: "السلطة تريد من خلال تحويل رواتب العمال إلى البنوك تطبيق قانون الضمان الاجتماعي الذي سبق أن رفضه الشارع الفلسطيني".
وأضاف الصعيدي في حديثه لـ"فلسطين": "يريدون إذلالنا من خلال تحويل الأموال عبر البنوك، كما تعامل السلطة المعلمين والمعلمات والأطباء، وتضيق عليهم من خلال الخصومات".
وأوضح أن العمال يتعرضون للاستغلال يوميا من سائقي الأجرة بالداخل المحتل، و"السماسرة"، وأصحاب العمل أنفسهم، ولم تعمل السلطة على إيجاد أي حل لهم.
"نهب الرواتب"
من جهته أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة سامي العمصي، أن السلطة ووزارة العمل برام الله لم تستطع إقناع العمال الفلسطينيين في الداخل المحتل بأن عملية تحويل رواتبهم للبنوك الفلسطينية لن ينتج عنها أي أضرار متعلقة بخصم رواتبهم.
وعلق العمصي في تصريح صحفي على استمرار احتجاجات العمال الرافضة للتحويل، مؤكدًا، أن الغالبية العظمى من العمال في الداخل المحتل ترفض التحويل تخوفًا من الاستيلاء على رواتبهم أو نهبها.
وأوضح أن العمال يخشون أن يكون "استقطاع البنوك الفلسطينية مبلغ دولار عن كل عملية تحويل بداية لإجراءات أخرى باستقطاع ضريبة القيمة المضافة البالغة 16%، وضريبة الدخل تدريجيا، وكذلك فواتير الهاتف، والكهرباء، والمياه آليا".
وذكر العمصي أن الجهات الرسمية المختصة في شؤون العمال في رام الله فشلت في إقناع العمال بأنَّ عملية التحويل لن ينتج عنها أي أضرار متعلقة بخصم الراتب، رغم كل التصريحات من المسؤولين التي تحاول طمأنتهم، مطالبًا إياهم بتقديم ضمانات واضحة بعدم وجود أي أضرار.
وذكر أن عدم وضوح وزارة العمل برام الله أوجد حالة من الفوضى لدى العمال، في ظل استمرار الإضرابات عن العمل رفضا لتحويل رواتبهم.
وأشار العمصي إلى تخوفات أخرى لدى العمال من أن "يؤدي التحويل إلى فقدان 80 ألف عامل لفرص عملهم، وهؤلاء يعملون بصورة غير رسمية من خلال فتحات في جدار الفصل العنصري، وعليه لن يحصلوا على تصريح رسمي في حال تم تحويل الأموال للبنوك".