الأعرج: خيار ناجع ومجرب وتدرك إدارة السجون مخاطره وأبعاده
النجار: تطور الأحداث بشكل خطير سيكون مقدمة لانتفاضة شعبية
دخل الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، أمس في مرحلة "حل الهيئات التنظيمية"، وهي خطوة يتمردون فيها على إدارة السجون وإجراءاتها العقابية والقمعية بحقهم، كإنذار أخير قبل الشروع في الإضراب المفتوح عن الطعام، والذي جرى تحديد موعد الشروع في تنفيذه من قبل لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة في الأول من أيلول/سبتمبر القادم، بمشاركة ألف أسير سيتبعهم انضمام أفواج جديدة من الأسرى.
ومنذ بداية تشكيلها خاضت الهيئات التنظيمية إضرابات صعبة عن الطعام استطاعت خلالها تحقيق مكاسب كبيرة للحركة الأسيرة، فرضت على الاحتلال الاعتراف بهم بوصفهم "أسرى حرب" بحسب القانون الدولي".
وإضافة إلى مواجهة قرارات إدارة سجون الاحتلال، تنظم الهيئات التنظيمية حياة الأسرى، وهي حلقة التواصل بين الأسرى وإدارة السجون، فهناك مسؤول لكل غرفة في القسم ضمن هذه الهيئات التنظيمية، من تقسيم العمل، وتشكيل لجان ثقافية ولجان أمنية تُشكّل جدار حماية للأسرى من أيّ اختراق من أجهزة مخابرات الاحتلال.
ويحتجُّ الأسرى على اعتزام إدارات سجون الاحتلال فرض إجراءات للتضييق على الأسرى المحكوم عليهم بالسجن المؤبد من خلال عمليات النقل المتكررة من الغرف والأقسام والسجون التي يقبعون فيها.
"فوضى داخل السجون"
تعني خطوة حل التنظيمات بحسب مدير مركز حريات للحقوق المدنية حلمي الأعرج، فوضى داخل السجون، بعد أن جرت العادة وجود مرجعيات تنظيمية وانتقالية يلتزم تعليماتها كل أسير وأسيرة.
وقال الأعرج لصحيفة "فلسطين": "الآن مع حل الهيئات التنظيمية لا يوجد مرجعية تلزم الأسير، وعليه يصبح لزامًا على إدارة الاحتلال في كلّ سجن أن تتحدث مع كلّ أسير وأسيرة على حدة، بعدما كانت تتحدث قبل ذلك مع ممثلي الهيئات التنظيمية"، معتبرًا قرار حل هذه الهيئات محاولة من الأسرى للضغط على إدارة سجون الاحتلال للاستجابة لمطالبهم.
وأضاف أنّ إدارة سجون الاحتلال ما دامت تُصعّد فإنّ الأسرى يردُّون بخَلق حالة من الفوضى والإرباك، حتى تشعر بالخسارة مما يؤدي لحدوث توتر داخل السجون، فلا يوجد ما يلزم الأسير، ويصبح يتصرف بملء إرادته وليس بإرادة الهيئة التنظيمية، مشيرًا إلى أنّ هذه الخطوة سبق وأن لوّحت بها الحركة الأسيرة عدة مرات، ونفّذتها مرة أو مرتين، وهو خيار ناجع ومجرب وتدرك إدارة سجون الاحتلال مخاطره وأبعاده.
ولفت إلى أنّ الحركة الأسيرة عندما تلجأ لخطوة حل الهيئات التنظيمية، فإنّ الأمور تكون قد وصلت لتصعيد خطير من قِبل إدارة السجون، التي تنصّلت من تفاهماتها السابقة وأعادت فرض إجراءات تنكيل بحقّ أسرى المؤبدات لحرمانهم من الاستقرار من خلال نقلهم المستمر بين الغرف والسجون.
ويعتقد الأعرج أنّ الأوضاع داخل السجون ذاهبة للتصعيد وتنفيذ القرار الإستراتيجي الذي أعلنت عنه الحركة الأسيرة، والذي سيبدأ بتنفيذ ألف أسير إضرابًا مفتوحًا عن الطعام مطلع سبتمبر/ أيلول القادم.
وقبل الشروع بخطوة الإضراب، يُلفت الأعرج أنّ هناك مُتّسعًا من الوقت بقيام الأسرى بخطوات تكتيكية كإرجاع الوجبات، وتنفيذ إضراب لمدة يوم كامل، لإجبار إدارة السجون للتسليم بورقة التفاهمات، وإذا لم تلتزم يكون هناك أهداف إستراتيجية وسياسية.
حالة ملتهبة
ويرى الأعرج أنّ الإضراب على الأبواب، ولهذا أبعاد وتداعيات خطيرة، لأنّ الحالة الفلسطينية ملتهبة، وموضوع الأسرى حاضر على جدول أعمال الحركة الوطنية ويمكن أن تتفجر الأوضاع بأيّ لحظة، مُحمّلًا حكومة الاحتلال مسؤولية تطور ذلك، خاصة بعد تعنُّتها في قضية الأسير المضرب عن الطعام خليل عواودة برفض الاستجابة لمطالبه.
ويُتوقع أن يدخل الشعب الفلسطيني في أتون المعركة إذا دخلت الحركة الأسيرة في الإضراب، وسيكون هناك تداعيات وتطورات ميدانية على هذا الحدث.
على صعيد إدارة سجون الاحتلال، يدخلها حلّ الهيئات التنظيمية في حالة إرباك وقلق، بحيث تتخوف من التواصل المباشر الفردي مع الأسرى تحسُّبًا من أيّ ردة فعل على الإجراءات العقابية التي تُنفّذ بحقهم، ولدى الإدارة من سجانين، وضباط، ومديري سجون تجربة صعبة وسبق أن قام أسرى بتنفيذ عمليات طعن ردًّا على الإجراءات العقابية، وِفق المختص في شؤون الأسرى أمجد النجار.
وأوضح النجار لصحيفة "فلسطين" أنه وبعد حادثة انتزاع أسرى في سجن "جلبوع" حريتهم في السادس من سبتمبر/ أيلول 2021، شكلت الحركة الأسيرة، لجنة طوارئ عُليا تضمُّ كلّ فصائل العمل الوطني، وذلك بعد الإجراءات العقابية الجماعية التي فرضتها إدارة السجون ضد جميع الأسرى بمختلف التنظيمات.
وأشار إلى أنّ لجنة الطوارئ كانت أول لجنة مشتركة تُشكَّل منذ الانقسام تتوحد فيها كل الفصائل الوطنية والإسلامية وتصدر بيانات مشتركة، وهذا يُرسّخ تأثير الخطوات الجماعية داخل السجون بعد غياب عدة سنوات بسبب أحداث الانقسام، وهذا يُحفّز الشارع في الخارج على مساندة قضية الأسرى والتفاعل معها بكل المكونات.
ولفت إلى أنّ تنصُّل إدارة السجون من التفاهمات ليس أمرًا جديدًا، فمنذ عام 1967 هناك معركة "كرٍّ وفرٍّ" بين الأسرى وإدارة السجون، بوجود حراك وإضرابات وقمع ثم إذعان إسرائيلي لمطالب الأسرى.
وأشار إلى أنه مع اقتراب دخول الاحتلال في الانتخابات، يكون ملف الأسرى حاضرًا لاستخدامه من قِبل الأحزاب السياسية في دعاياتهم الانتخابات، مُبينًا أنّ الأحزاب الإسرائيلية تتنافس في الحصول على أكبر قدر من أصوات الناخبين، من خلال إظهار حجم التنكيل الذي يقومون به بحقّ الأسرى.
ورغم تطور الأمور، فإنّ النجار يتوقع أن تتراجع إدارة سجون الاحتلال قبل شروع الأسرى بتنفيذ إضرابهم المفتوح عن الطعام، في ظلّ التهاب الأوضاع في الخارج وخشية الاحتلال من تطور الأحداث؛ ما سيُحرّك الشارع ويكون ذلك مقدمة لانتفاضة شعبية ثالثة تحمل عنوان "الأسرى".