من يتابع الإعلام العبري، وتصريحات المسؤولين، يجد أنه ثمة عملية واسعة النطاق لتعظيم الأخطار التي تحيط بدولة (إسرائيل). ثمة حديث موسع عن جبهة الشمال، وآخر عن جبهة الجنوب، وثالث يتحدث عن إيران، ورابع عن اليمن، وخامس عن الضفة، وداخل فلسطين المحتلة، فلماذا هذا التعظيم المقصود والهادف؟!
أسبوع كامل مرّ وعمليات تعظيم الأخطار تتزايد، ومن محاولات هذا التعظيم استطلاع الرأي الذي تبناه كوخافي رئيس هيئة الأركان، الذي يتحدث عن خسارة (٣٠٠) قتيل في معركة مع غزة لجلب تهدئة لمدة (١٥) يوما، وأن من يؤيد هذه المعركة هم بنسبة ٢١٪ من السكان خارج غلاف غزة. ومنه اجتماع لبيد مع نتنياهو للمرة الثانية بغرض إحاطة المعارضة بأخطار الاتفاق النووي وعمل الحكومة ضد الاتفاق. ومنه تعدد زيارات شخصيات عسكرية وأمنية لواشنطن على وجه السرعة.
هذا التعظيم يهدف فيما أرى لتبرير أعمال إسرائيلية هجومية محتملة هنا أو هناك، تنفذ بصفتها أعمالا استباقية لما يعرف بدرء أخطار محتملة، ولكن أين ستكون هذه الهجمات الاستباقية؟ هذا ما يصعب تخمينه.
هل هذا يخص إيران، أو يخص محاولة أخيرة لإجهاض الاتفاق المتوقع؟ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى نسأل: هل يمكن أن نرى في هذا التعظيم المقصود عملية ابتزاز؟ أعني: هل تحاول دولة الاحتلال بيع سكوتها بثمن ما للبيت الأبيض، بصفقات عسكرية ومساعدات مالية؟
في نظري أننا في حاجة لمتابعة يومية للتصريحات الإسرائيلية، وللزيارات الخارجية، ولمقالات التحليل الصحفي المرتبطة بمعلومات استخبارية لإثبات أنه ثمة شيء أو أشياء تحاول دولة الاحتلال بلورتها من خلف هذا التعظيم المقصود للأخطار.
إن سؤال المنطق يقول: مَن يهدد مَن؟ ومَن يخشى خطر مَن؟ الخطر عادة والتهديد يخرج من دولة الاحتلال، لا من دول المنطقة. دولة الاحتلال هي التي تهدد دول المنطقة، وهي التي ترسل فرق الاغتيال لدول المنطقة، وهي التي تزعم أنه بمكنتها الحرب في جبهات متعددة، وأنها تستطيع ضرب عواصم بعيدة، وتدمير مصانع سلاح تحت الأرض، وأنها ستعمل لو اضطرت بمفردها دون مشاركة أميركية! تعظيم الخطر فيما يبدو لي لا يستهدف الخطر نفسه، ولكن يستهدف أمورا أخرى، والتعظيم وسيلة الوصول إليها.