فلسطين أون لاين

تقرير "السلبي" يُورث المقربين منه الإحباط والفشل

...
غزة/ مريم الشوبكي:

يضطر الإنسان أحياناً للتعامل مع أشخاص سلبيين، سواء بحكم القرابة أو زمالة العمل، ما قد يؤثر سلبياً في توازنه النفسي، ويبعث في نفسه طاقة سلبية، خاصة إذا ما كان ينقصه الذكاء في التعامل الاجتماعي، ما يتطلب علماً بكيفية تمييز الأشخاص السلبيين والطريقة المناسبة للتعامل معهم.

تضخيم الأمور

حلا أيوب موظفة في إحدى المؤسسات الحكومية، مضطرة إلى التعامل مع العديد من زميلات وزملاء العمل في مؤسستها، ومنهم من يتصف بالسلبية التي يبثها في نفوس من حوله.

أيوب (35 عامًا) تعد أن السلبي هو من يحاول بكلامه إحباط من حوله، ونكران أي أمر جميل في هذه الحياة، وترويج أن النجاح مستحيل، ويفرح حينما يجد من حوله يتأثرون بكلامه ويفشلون، أو يتصادمون مع غيرهم.

تقول أيوب لـ"فلسطين": " فأنا أعاني بسبب إحدى زميلاتي، التي تتملكها السلبية، فحينما ندخل في نقاش معها دائماً تحاول أن تثبت لنا أنه لا يوجد حل لمشكلاتنا، وأننا سنخسر عند التعامل مع أي مشكلة ودائماً تضخم الأمور التي يمكن أن تنتهي بكلمة واحدة".

وتضيف: "السلبيون دائما يرون أنهم مضطهدون وتعرضوا للظلم من عائلاتهم ومجتمعهم، وقد نتشارك معهم بنفس الظروف، لكننا تمكنا من تجاوزها بالرضا والقناعة بما قسم الله لنا، وهم لا يتقدمون خطوة لأن الأفق لديهم مسدود، وليست لديهم ثقة بأي شخص".

في حين يرى محمد عبد ربه (40 عامًا) أن الشخص السلبي هو الذي يحاول دائماً أن يحبط ويفشل الناجحين من حوله حتى يفشلوا مثله، ويكون في قمة السعادة بذلك.

ويبين عبد ربه لـ"فلسطين" أنه دائما ما يتجنب الاختلاط بالأشخاص السلبيين، وعدم مجاراتهم في الحديث، ويقطع أي وسيلة للتواصل معهم حتى وإن حاولوا التقرب منه.

توقع الأسوأ

بدورها، تبين اختصاصية علم النفس الاجتماعي سمر سعد أن الشخص السلبي هو نمط من أنماط الشخصيات التي تتوقع الأسوأ دائمًا، ونظرتهم للحياة سوداوية، حتى مشاعرهم وأفكارهم سلبية تجاه أنفسهم والآخرين والمواقف.

وتوضح سعد لـ"فلسطين" أن السلبيين دائمًا يختلقون المشكلات، ويضخمون الأمور رغم بساطتها، ويعملون من "الحبة قبة"، ودائما ما يلقون اللوم على الآخرين ولا يعترفون بالقصور لديهم، وهم انفعاليون، لذا يكونون حادين في النقاش، ولديهم صعوبة في التكيف من المواقف، ويكثرون الشكوى ويفتقرون إلى المرونة النفسية.

وتلفت إلى أن السلبي لا يولد هكذا، بل هو مزيج لعدة عوامل منها ما هو شخصي، وما هو مرتبط بطريقة التنشئة، ومنها ما هو ناتج عن ضغوطات الحياة.

وتذكر سعد أن الشخص السلبي هو نتاج بيئة محبطة ترعرع فيها منذ الطفولة وامتدت حتى الكبر، وهم لم يتلقوا المؤازرة والمساندة اللازمة، وقد يكونون واجهوا في حياتهم مجموعة من التحديات والمصاعب التي لم يقووا على مواجهتها وبالتالي فقدوا الأمل.

ولدى سؤالها كيف يمكن للمتعامل مع هؤلاء السلبيين أن يبني جدار حماية نفسية، تجيب: "الإنسان كالإسفنجة يتشرب مشاعر الآخرين، لذا يجب أن يحافظ على توازنه النفسي، بأن يحافظ على مسافة أمان بينه وبين السلبيين، وعدم خوض الجدال والنقاش معهم".

وتنصح سعد بالتوقف عن نصح ونقد الشخص السلبي، والتحدث دائماً عن نماذج إيجابية بطريقة غير مباشرة، والثناء على خصالهم الحميدة لتحفيزهم على تغيير نمط حياتهم، "وتجنب الانفراد معهم لتجنب انتقال الطاقة السلبية إليه، وألا يعطيهم الفرصة لاستفزازه بل يتجاهلهم".

بدورها، تقول المدربة والمرشدة الأسرية د. آلاء يونس: "الأشخاص السلبيون كثيرو العتاب واللوم، ولديهم مشاعر غيرة وحسد، وحديثهم عن الآخرين مليء بعبارات البغض والكراهية".

وتضيف يونس لـ"فلسطين": "لذا علينا أن نقلل من الوقت التي نقضيه معهم، لأن الدراسات أثبتت أن المشاعر السلبية تنتقل لنا بمعاشرة هؤلاء الأشخاص وتظهر على شكل أعراض نفسية وجسدية كالتوتر والقلق".

وتنصح بتقليل التعامل مع السلبيين، وتقليل الوجود معهم، مع التعبير عن الرأي الإيجابي بما يطرحونه، والبحث عن كل ما هو إيجابي في حوارهم، وتقديم الحلول لمشكلاتهم، وعدم الخوض في جذور المشكلة معهم، مع الحرص على عدم تبني مشاعرهم السلبية.

وتدعو د. يونس إلى التركيز على إحاطة أنفسنا بالأشخاص الإيجابيين الذين يعطوننا ترياقا للتعامل مع السلبيين، مع التركيز على تطوير المهارات والقدرات التي نمتلكها.

ونبهت إلى أن الشخص إذا شعر بأنه أصبح يتمتع بمنظور سلبي، عليه أن يراجع نفسه ويبحث عن نقاط القوة ويعززها، ويحصن نفسه بالعبارات التحفيزية "أنت قادر، لديك مواهب وقدرات"، وعدم الاستسلام للأفكار السلبية تمامًا.

المصدر / فلسطين أون لاين