فلسطين أون لاين

أكبر أحياء القدس المخنوقة استيطانيًّا

تقرير "الحي الإسلامي".. تاج البلدة القديمة ودرع المسجد الأقصى

...
البلدة القديمة في القدس المحتلة - أرشيف
القدس المحتلة-غزة/ مريم الشوبكي:

يحاول الاحتلال الإسرائيلي طمس أيّ وجود فلسطيني في مدينة القدس المحتلة، بالاستيلاء على أحيائها وإطلاق تسميات عبرية عليها، كالحي الإسلامي الذي يتغلغل فيه الاستيطان بوتيرة سريعة، ويُضيّق على المقدسيين لدفعهم عنوة لترك بيوتهم.

الحي الإسلامي أكبر أحياء القدس القديمة وأكثرها اكتظاظًا، يسكنه قرابة 22 ألف نسمة، يمتد من باب الأسباط في الشرق، على طول الجدار الشمالي من المسجد الأقصى في الجنوب. 

ويتكون الحي الإسلامي من عدة حارات، هي: حارة السعدية، وباب حطة، والواد، ويمتد طريق الآلام منه، وهو أحد أحياء البلدة القديمة الأربعة، والأحياء الثلاثة الأخرى هي: حارة النصارى، وحارة الأرمن، وحارة المغاربة التي هدم الاحتلال جزءًا كبيرًا منها بعد حرب 1967 لتصبح (ساحة حائط المبكى).

من محال إلى بيوت

المقدسية عايدة الصيداوي يقع بيتها بالقرب من باب الحديد أحد أبواب المسجد الأقصى الذي يقع ضمن الحي الإسلامي، يلاصقه بيت يسكنه أحد المستوطنين بعد مصادرته من مُلّاكه الفلسطينيين.

تقول الصيداوي لـ"فلسطين": "يحاول الاحتلال زيادة أعداد الإسرائيليين في الحي الإسلامي الذي هدم جزءًا كبيرًا منه، وتمثل في حي المغاربة، لإعطائه صبغة يهودية وإطلاق اسم الحي اليهودي عليه، إذ وضع لافتات جديدة بأسماء عبرية على الحارات والأحياء".

وتضيف: "يتبع الاحتلال سياسة إغواء الفلسطينيين بالأموال لكي يبيعوا بيوتهم، عرض علينا أن نبيع بيتنا الذي لا تتعدى مساحته 50 م2 بشيك مفتوح، ولكننا رفضنا وأقسمنا لو وضعوا ثقله ذهبًا فلن نبيعه".

وتلفت الصيداوي النظر إلى أنّ المحال التجارية في القدس بسبب ضعف الإقبال عليها حوّلها أصحابها إلى بيوت يقيمون فيها، لمنع الاحتلال من مصادرتها، وللصمود فيها.

ويتعمّد المستوطنون مضايقة المقدسيين في الحي الإسلامي بالاعتداء عليهم برشقهم بالحجارة، ورش غاز الفلفل، وإطلاق الرصاص على المنازل، وإقامة الحفلات الصاخبة في أعيادهم، من أجل استفزاز الفلسطينيين وإجبارهم على الرحيل، وإخلاء البلدة القديمة من سكانها.

وبيت الصيداوي عبارة عن غرفة واحدة تحتاج إلى ترميم، بسبب تآكل جدرانها من الرطوبة العالية، إذ لا تصل إليها الشمس، ما يُسبّب لها ولأسرتها مضار صحية، ومع ذلك تصرُّ على الصمود بداخلها، وعدم التخلي عنها حتى لا تكون مطمعًا إسرائيليًّا للاستيلاء عليها.

مقامات ومعالم أثرية

وعن أشهر المعالم التاريخية الأثرية في الحي الإسلامي يتحدث المقدسي عامر صلاح الدين، إذ يذكر أنّ المماليك أحاطوا الحرم بمدارس، لإظهار اهتمامهم بالدين الإسلامي لأنهم ليسوا عربًا، إذ كانوا يستقبلون فيها الحجاج وعابري السبيل، واهتموا ببناء المقابر أيضًا.

ويُبيّن صلاح الدين لـ"فلسطين" أنّ الحيَّ الإسلامي يشتهر بكثرة الأسبلة التي يعود تاريخها للحكم العثماني، وعددها سبعة أسبلة، وأشهرها السبيل الذي بناه سليمان القانوني.

ويشير إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي حوّل الأسبلة إلى نقاط عسكرية للجيش، وأحاط البلدة القديمة بالأبراج العسكرية، "فأي زائر إلى المدينة يتملّكه الخوف، لأنه يشعر بأنه داخل إلى مكان خطر، فالمدينة والحي أصبحا ثكنة عسكرية".

ويُتوّج الحي -وفقًا لحديث صلاح الدين- بمقامات الأولياء ومعالم أثرية، أبرزها المسجد الأقصى وقبة الصخرة، والمسجد القبلي، لكنّ الحي لا يسلم من عمليات التهويد المتمثّلة في الهدم والمصادرة.

ويوضح أنّ الاحتلال يتغلغل في الحي الإسلامي بالاستيطان، إذ تحيط به 10 بؤر استيطانية، ما يجعله في حالة توتر دائم، مع وجود 22 ألف مقدسي يعيشون في الحي.

ويذكر صلاح الدين أنّ 15 مؤسسة إسرائيلية تستوطن الحي، تُعنى بالتدريب على "تقديم القرابين فيما يسمى "الهيكل" الذي سيُبنى على خرائب المسجد الأقصى"، وفقًا للاعتقاد الصهيوني، مشيرًا إلى أنّ هذه المؤسسات تمولها جمعية "عطيرت كوهانيم" الاستيطانية التي تعمل على خلق أغلبية يهودية في البلدة القديمة والأحياء الفلسطينيّة في شرقي القدس، وتبذل في سبيل ذلك ملايين الدولارات، وتمول عشرات العائلات اليهودية التي استوطنت قلب الحي.

ويقول: "إنّ الاحتلال أقام في الحي الإسلامي العديد من المدارس الدينية اليهودية بالبيوت المصادرة، أيضًا أسّس رئيس وزراء حكومة الاحتلال الراحل أرئيل شارون بيتًا له في هذا الحي".

ويُضيف صلاح الدين: "إنّ المسار المؤدي إلى المسجد الأقصى المبارك تقع في طريقه الحارات الإسلامية المنتشرة على نحو 67 دونمًا، منها حارة السعدية التي تمتاز بمسجد المئذنة الحمراء، ويتعمد الاحتلال حفر الأنفاق أسفلها وتنفيذ مخططات توطين داخلها، لزعزعة الوجود الفلسطيني".