لا شك أن اللقاء القيادي عالي المستوى بين حركتي حماس والجهاد الاثنين الماضي سيشكل علامة فارقة في تاريخ الحركتين اللتين تشكلان الركن الركين للمقاومة الوطنية الفلسطينية الموحدة حول الأهداف السامية لنضال الشعب الفلسطيني دفاعًا عن ثوابته المقدسة في العودة الكاملة لأرض وطنه المحرر والمستقل من النهر إلى البحر.
لقد كان لافتًا أن جَمَعَ هذا اللقاء نخبة من القيادات السياسية والعسكرية والأمنية حتى يكون شاملًا لمناحي النضال المشترك بين الفصيلين الكبيرين على ساحة المقاومة الفلسطينية في حقولها مجتمعة لتأكيد أن الحركتين تعملان بجهود متكاملة موحدة، موقفًا وممارسة، وأن هذا كان ديدن عملهما المشترك على مدار سنوات الجهاد الماضية ولتمتين هذه المسيرة المباركة ببرنامج موحد.
ويتضح من عناوين البيان الذي صدر عن اللقاء أن كل ما رددته وسائل إعلام العدو وتصريحات قياداته بِشَق الصف الوطني أنها ذهبت أدراج الرياح وأنها لن تنال أبدًا من وحدة وتماسك المقاومة الباسلة بكل فصائلها الفاعلة والحية فكيف بأركان وعناوين الجهاد المتمثل تحديدًا بالفصيلين القائدين اللذين يعملان كتفًا إلى كتف ويدًا بيد ويشكلان عمود الخيمة لغرفة العمليات العسكرية المشتركة التي باتت أكثر تماسكًا وتعبر عن وحدة العمل المقاوم لكل الأذرع العسكرية لفصائل العمل الوطني.
وكان هذا اللقاء المبارك رسالة تحذيرية واضحة بأن الفصيلين وكل مكونات حركة المقاومة لن تسمح للعدو النازي الكولونيالي بتجاوز الخطوط الحمراء وأن قواعد الاشتباك ثابتة ولن تتغير وستتعزز بجهود الحركتين وبعملهما الموحد مع كل رفاق السلاح لمراكمة نقاط القوة مدماكًا وراء آخر وفرض المزيد من تآكل قدرات الردع لدى جيش العدو وتعظيم توازن الرعب في كل المعارك القادمة.
لقد أبدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" حكمة عالية في الرد على حملات العدو وكل أبواقه المشبوهة من الكتبة المأجورين لصناع مؤامرة صك أوسلو وبادلتها حركة الجهاد الإسلامي هذه المواقف الوطنية الثابتة حين أكدتا في معارك "وحدة الساحات"، أنهما ينسقان المواقف وأن العدو هو العدو وأن القدس ستبقى مركز الصراع وعنوانه وأنها مُلتقى جميع البنادق حتى تحرير المسرى حرًّا خالصًا من كل دنس قطعان المستوطنين، وأن دق الأسافين لن يجد له سبيلًا وستبقى تحديات الحركتين واحدة.
كما أكدت الحركتان أن الوحدة بينهما ذات أبعاد إستراتيجية عميقة وأن هناك تنسيقا وعملا مشتركا وعلى كل الصعد السياسية والعسكرية والأمنية وأن هناك لجانًا متخصصة بذلك وفي كل الحقول.
وعبرت الحركتان أنهما جسد واحد على المستوى التنظيمي حين دعت منتسبي الفصيلين للاستمرار في تعزيز كل ما هو مشترك وعلى مواجهة الأعداء بسواعد متشابكة وأن محاولة الاستفراد بفصيل دون آخر إنما هي عبث لن ينطلي على المجاهدين وأن الحركتين قد قطعتا طريقًا واحدًا عُمّدَ بالدم الزكي المشترك دفاعًا عن مقدسات الأمة.
كما أكدت الحركتان ضرورة أن توقف السلطة في رام الله المحتلة التعاون الأمني مع العدو المحتل وأن تطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين وأن توقف ملاحقتهم والتحرر من مسار أوسلو الكارثي.
وعبرتا أيضًا عن الموقف الموحد في تشكيل مجلس وطني فلسطيني جديد يمثل بحق الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، وحتى إنجاز ذلك عبر الفصيلان أنهما يمتلكان قاعدة سياسية مشتركة أيضًا حين دعتا إلى تشكيل تكتل وطني يوحد الجهود الوطنية على هذا الصعيد.
وبعث البيان المشترك تحايا المجاهدين لأبناء الشعب الفلسطيني الصامد المرابط الملتف حول مقاومته المظفرة، بأن المقاومة ستعزز العمل المشترك وغرفة العمليات المشتركة وستبقى على عهدها مع شعبها وأسراه البواسل الذين يخوضون اليوم معاركهم المجيدة خلف قضبان السجان العنصرية ويصعدون بإرادة صلبة لا تلين نضالهم حتى نيل حريتهم كاملة غير منقوصة.
عمل مشترك لا تنفصم عراه على طريق ما رَسّخته معارك "سيف القدس" التي أعلنت وحدة الشعب الفلسطيني في كل مكان خلف قيادة مقاومته الحكيمة وبرنامجها الذي يؤكد أن القدس قبلة المجاهدين حتى التحرير والعودة.