فلسطين أون لاين

اتهامات حقوقية ودولية للأخيرة بـ"التقاعس" عن المحاسبة

تقرير "الحرية" مصير قتلة نزار.. ما الذي تفعله السلطة؟!

...
تظاهرة لعائلة بنات وداعميهم للمطالبة بمحاكمة قتلة ابنهم نزار بنات - أرشيف
الخليل-غزة/ أدهم الشريف:

شكَّلت التساؤلات التي طرحها تقرير حقوقي لمنظمة دولية ومؤسستين محليتين، حول مصير محاكمة قتلة عضو قائمة الحرية والكرامة الانتخابية المعارض السياسي نزار بنات، دليل إثباتٍ جديدٍ على مدى وصول سياسة السلطة في التسويف والمماطلة إلى مراحل متقدمة جعلت الجميع متخوفًا من أن يفلت القتلة من العقاب هذه المرة.

ولقد أكدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأمريكية، في تقرير لها بالشراكة مع "محامون من أجل العدالة" و"لجنة مناهضة التعذيب"، وجود أسئلة حقيقية حول إذا ما كانت ستحصل مساءلة حقيقية للجناة الذين نفّذوا جريمة اغتيال بنات.

وأوضح التقرير المخصص لقضية "إفلات مرتكبي التعذيب من العقاب" في الأراضي الفلسطينية، أنّ اللجنة الرسمية التي شكّلها رئيس وزراء حكومة رام الله محمد اشتية، قدّمت للتحقيق في جريمة القتل تقريرها بعد خمسة أيام من تشكيلها، لكنّ التقرير ونتائجه لم تُنشر مطلقًا.

كما أكد التقرير "تقاعس السلطة" عن محاسبة عناصرها على استخدام القوة المفرطة وسوء المعاملة والتعذيب ضد المعتقلين.

وكانت قوة من جهاز الأمن الوقائي اغتالت المعارض السياسي بنات، بتاريخ 24 يونيو/ حزيران 2021، بعد سلسلة اعتقالات وملاحقات شملت إطلاق النار على منزله في مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، الأمر الذي أثار موجة كبيرة من ردود الفعل المناوئة للجريمة، والتي ما زال صداها يتردد حتى اليوم.

وبعد اغتياله بأشهر اتهمت النيابة العسكرية 14 عنصرًا من الوقائي بالتورط والمشاركة في ضربه ما أدى إلى استشهاده.

وبينما تشدد عائلة بنات على ضرورة محاكمة قتلة نزار، وكذلك الآمر باغتياله، منحت المحكمة العسكرية امتيازات للمتهمين، وسمحت لهم السلطة بالخروج من السجن لزيارة الأسرة دون أمر محكمة.

حرية وإجراءات أمنية!

ويؤكد عمار بنات، ابن عم الشهيد نزار، أنّ الـ14 متهمًا ما زالوا خارج السجن، ويقيمون في منازلهم بمدينة الخليل، ولديهم حراسات أمنية مشددة، وأسلحة للحماية الشخصية.

وبيّن عمار لصحيفة "فلسطين"، أن الهدف من ذلك دفع عائلة بنات إلى الاحتكاك بقتلة نزار والدخول في إشكالات كبيرة معهم عبر الثأر من أحد القتلة، وعلى أساس ذلك يتم إنهاء الملف.

"لكن موقفنا من هؤلاء واضح وثابت؛ نحن نعدهم أداة ومشكلتنا الأساسية ليست معهم، لأنهم طبقوا أمر الاغتيال، لكن الأهم هو من أمر بذلك" بحسب عمار.

وتابع: "الإفراج عن القتلة ومسرحية المحاكمة، ممارسات للسلطة تؤكد صحة رواية عائلة بنات أنّ نزار قُتل ولم يمت بالخطأ خلال الاعتقال كما تحاول أطراف تتبع السلطة الترويج لذلك".

واستدرك: "المطلوب تحقيق العدالة الكاملة لنزار، فهو ضحية منظومة السلطة، ومسؤوليتها كشف الآمر باغتياله".

وعدَّ أنّ ما يجري تغييب للعدالة الغائبة أصلًا في محاكم السلطة؛ وهي الراعي الأول للانفلات والزعرنة في الضفة، والدليل على ذلك الإفراج عن قتلة نزار، وعدم اعتقال أحد من مطلقي النيران صوب نائب رئيس الوزراء السابق د. ناصر الدين الشاعر.

ونبَّه إلى أنّ عدالة نزار تتحقق بمحاكمة جميع من شارك في اغتياله، وهذا لا يقتصر على المُنفّذين الرئيسيين وعددهم 14 من مرتبات جهاز الأمن الوقائي في الخليل، بل يشمل من أمَر باغتياله وحرّض على ذلك أيضًا.

تنصل السلطة

وقال رئيس قائمة الحرية والكرامة الانتخابية د. أمجد شهاب: إنّ اغتيال بنات والإفراج عن قتلته، وعدم اعتقال أحد بعد محاولة اغتيال د. الشاعر، يعكس محاولات التنصل من العدالة في القضيَّتين.

ومقابل ذلك، أكد شهاب في تصريح لـ"فلسطين"، ضرورة التوجه للقضاء الدولي لملاحقة مرتكبي جريمة اغتيال بنات الذي يحمل الجنسية الأردنية.

وعدَّ شهاب، وهو أستاذ علوم سياسية وقانون دولي، أنّ تحقيق العدالة في قضية نزار من خلال البحث عنها في المحكمة العسكرية التابعة للسلطة "منقوصة".

وأكد رفضه الشديد للإجراءات التي تتبعها السلطة مع قتلة نزار، وعملية الإفراج عنهم دون محاكمة وعودتهم إلى بيوتهم.

ونبَّه إلى أنّ ذلك يعكس محاولات السلطة وسعيها للتهرب من العدالة وحماية منفذي عملية الاغتيال السياسي التي تعرض لها بنات.

وبيَّن أنّ الهدف من اغتياله وتصفيته بهذه الطريقة أن يكون نموذجًا للآخرين وترهيبهم، لافتًا إلى أنّ عمليات تحريض واسعة "قامت بها شخصيات قيادية محسوبة على حركة فتح، وإقليم فتح في دورا، بمدينة الخليل" بحسب قوله. 

وأكد شهاب أنّ قضية رأي عام مثل هذه ليست من اختصاص المحكمة العسكرية في الضفة.

وخلُص تقرير مشترك صدر في مارس/ آذار 2022، عن الهيئة المستقلة ومؤسسة الحق الحقوقيّتين، إلى أنّ الاستخدام المفرط للقوة من قِبل قوات الأمن التابعة للسلطة تسبّب بمقتل بنات.