في دولة الاحتلال يزعمون أن محمود عباس أخطر من حماس! فهل لهذا الزعم ما يبرره؟! أي هل يمكنهم الإجابة عن سؤال: لماذا هو خطر على دولة (إسرائيل)؟! ما أعرفه هو ما يعرفه غيري أن الرئيس محمود عباس كان مهندس اتفاقية أوسلو، التي جلبت (لإسرائيل) راحة واستقرارا بعد الاعتراف بها دولة لها حق الوجود على ما تحتله من أرض فلسطين منذ عام ١٩٤٨م.
عباس تمكن من حلّ منظمة شهداء الأقصى، وقمع مقاومة فتح وحماس والجهاد وغيرها. أي وفّر لهم أمنا لا يستطيعون توفيره بأنفسهم بهذه الكفاءة! عباس يجري معهم مفاوضات تسوية نهائية لهم فيها اليد العليا، وإذا توقفوا عن المفاوضات لسبب ما انتظرهم وإن طال الانتظار! عباس يدير سلطة حكم ذاتي رجالها يتعاونون معهم جيدا، وبحسب شروط أجهزتهم الأمنية! فأين الخطر؟! قوم بهت.
بناء على ما تقدم نسأل فنقول: أين الخطر في رجل يعمل هذه الأعمال التي لا شعبية لها بين الفلسطينيين؟! هو لا يقاوم بسلاح، ولا يسمح بمقاومة مسلحة، فأين الخطر؟! هل ثمة خطر في أقوال سياسية تتردد في فمه منذ عقدين من الزمن دون أن تتحقق ولو جزئيا؟!
عباس يتحدث في السياسة: يريد دولة، وحدودا، واعترافا بالدولة، (وإسرائيل) تقول: لا دولة، ولا حدود، ولا اعتراف، فأين الخطر؟! أنتم تقولون وتنفذون ما تقولون، وهو يقول ولا ينفذ ما يقول، وأحيانا يلحس ما يقول، فأين الخطر؟!
الخطر ليس في عباس، فعباس رئيس فلسطيني أعطاكم من التنازلات فوق ما يتصوره العقل الفلسطيني، ولم يتبقَّ عنده شيء ليتنازل عنه، لذا ترمونه كذبا بالخطر، لأنكم لا تريدون سماع من يتوجع حتى عند ذكر مجازر الفلسطينيين بتداعي ذكر محرقة النازي.
إظهار الألم من عدوان اليهود دعوة عنصرية ضد السامية، وضد كذبكم في الهولوكوست، لذا تصفونه بالرجل الخطير!
ذاكرة الفلسطيني خطر عليكم، وألم الفلسطيني وتوجعه من قصفكم خطر عليكم، وشكوى الفلسطيني للعالم من مجازركم خطر عليكم، وكشف وجه الشبه بين قتل النازي أجدادَكم، وقتلكم أبناءنا وأحفادنا خطر عليكم، هذا هو الخطر لا عباس.
ما زلتم تعملون على محو ذاكرتنا، وإسكات شكوانا، وقطع ألسنتنا، وعندها فقط يزول الخطر. لقد أخبرنا من هو أعلم بكم وبأخلاقكم: إنكم قوم بهت.
أنتم قوم بهت، لا تعتدون على الأرض، وعلى الإنسان، وعلى ذاكرة الشعوب، وعلى ذاكرة التاريخ فحسب، بل تعتدون على من فاوضكم فتبهتونه عند أدنى ملابسة، وهو الذي خالف مراد شعبه وتاريخه.