فلسطين أون لاين

خبير لـ"فلسطين": لولا الدعم الدولي والأمريكي لانهار اقتصاد (إسرائيل)

تقرير 60 مليار شيقل تكلفة جولات العدوان على غزة.. "دولة الحروب" تدفع الثمن

...
الناصرة-غزة/ يحيى اليعقوبي:

أثَّرت جولات العدوان العسكري التي استهدف بها جيش الاحتلال قطاع غزة في الاقتصاد الإسرائيلي واستنزفته. وبحسب خبراء اقتصاد دفع الاحتلال ثمن هذه الجولات مبالغ طائلة، في وقت استطاعت المقاومة استنزاف وإرباك اقتصاد الاحتلال، ودفعت شركات عالمية كبرى لسحب استثماراتها ونقلها إلى دول أوروبية بسبب غياب الاستقرار الاقتصادي.

ونشر موقع "زمن (إسرائيل)" إحصائية تظهر أن جولات العدوان على غزة منذ قرابة 21 سنة، كلفت كيان الاحتلال قرابة 60 مليار شيقل.

وتشمل التكلفة المباشرة: الذخائر "صواريخ وقذائف"، ووقود الطائرات والمركبات والصيانة المستمرة لتعزيز قوات جيش الاحتلال بمحاذاة قطاع غزة، وتجنيد آلاف جنود الاحتياط، وتجهيز أماكن تحصين.

ويشير التقرير إلى أنه في 2008 قررت حكومة الاحتلال برئاسة إيهود أولمرت، تمويل بناء حوالي 10 آلاف مكان محصن في المنازل والمباني العامة في مستوطنة "سديروت" و43 مستوطنة بمحاذاة قطاع غزة على بعد سبعة كيلومترات من السياج الفاصل، ونفذ القرار حتى عام 2012 بتكلفة وصلت إلى نصف مليار شيقل.

وعلاوة على ذلك أضافت حكومة الاحتلال ما تسمى منظومة "القبة الحديدية" (نظام صواريخ أرض – جو)، وبدأت تطويره منذ 2007 بمبادرة من وزير الحرب آنذاك "عمير بيرتس"، ودخلت حيز العمل في 2011.

ورغم أن المعلومات الخاصة بتكلفة الصواريخ وعددها تبقى سرية، إلا أنه بحسب التسريبات والتقديرات المنشورة فإن كل صاروخ يكلف حوالي 50 ألف دولار؛ أي حسب سعر صرف الدولار الحالي قرابة 170 ألف شيقل.

ويقدر موقع "زمن (إسرائيل)" أن جيش الاحتلال استخدم 20- 25 ألف صاروخ اعتراض، وبتقدير تقريبي، فإن التكلفة الإجمالية للصواريخ تقارب 4 مليارات شيقل.

تأثير كبير

وبحسب الخبير الاقتصادي د. ثابت أبو الروس، فإن المقاومة الفلسطينية تؤثر في الاحتلال اقتصاديًا، وتؤدي جولات القتال إلى حالة من الإرباك الاقتصادي، باعتبار أن قوة أي دولة عسكرية هي الاقتصاد، بالتالي فإن تجدد هذه الجولات يربك اقتصاد الاحتلال ويضعضعه ويسبب ضبابية للمستثمر الإسرائيلي في تطوير المشاريع، ويضعف القدرة الاقتصادية للاحتلال على المديين القريب والبعيد.

ويعتقد أبو الروس في حديثه لصحيفة "فلسطين"، أن الجولات استنزفت مبالغ طائلة جدًا، ولولا الدعم الدولي والأمريكي اللامحدود للاحتلال لما فكر بتلك الحروب العدوانية، إذ يفترض أن يهبط الشيقل في كل حرب إلى أدنى مستوى وهذا ما لم يحدث بسبب ذلك الدعم.

وأكد أن هذا الواقع يجعل الاحتلال يعيش حالة اللا يقين نظرًا لخوفه من جذب استثمارات دولية، فتصبح "دولة اللا أمان"، نظرا لضبابية المشاهد التي تتوقع الحروب بين لحظة وأخرى، لافتًا إلى أنه خلال معركة سيف القدس، مايو/ أيار 2021، لجأت شركات عالمية كبرى إلى سحب استثماراتها التي تقدر بمليارات الدولارات ونقلتها لدول أجنبية.

وأشار إلى أن (إسرائيل) ليس بإمكانها تجاهل الأعباء المالية التي تؤرق الاحتلال خلال الحروب وكذلك الخسائر غير المباشرة لجولات العدوان على غزة.

وتظهر الإحصائيات الإسرائيلية أن الخسائر خلال مايو/ أيار 2021، بلغت نحو 0.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بخسائر 0.3 بالمائة من الناتج المحلي خلال العدوان على غزة الذي استمر 51 يومًا صيف 2014.

ويبلغ الناتج المحلي لدولة الاحتلال حاليًا نحو 1.4 تريليون شيقل (الدولار يساوي 3.28 شواقل تقريبًا)، وهو ما يعني أن الخسائر الاقتصادية بلغت نحو 7 مليارات شيقل (2.14 مليار دولار) خلال معركة سيف القدس.

ويقرأ أبو الروس هذه الأرقام، بأنها تؤثر في التخطيط الاقتصادي للمدى القريب والبعيد، فهناك مخاطر اقتصادية يعيشها الاحتلال، وأن الدعم الذي يتلقاه قد يتوقف في يوم من الأيام، وعليه ستكون الآثار المترتبة على ذلك كبيرة، والخسارة الاقتصادية ستكون أكبر من أي خسارة عسكرية، وقد تكون سببًا للهزائم القادمة.

أمام ذلك يدفع الاحتلال بكل مقوماته الاقتصادية ثمن الحروب العدوانية، التي تشكل عبئًا على خزينة الاحتلال وتستنزف منه مبالغ طائلة في تعويض المتضررين بعد كل عدوان على غزة، ويتم دفعها على فترات زمنية بعيدة.

وتشير التقديرات إلى ارتفاع عدد المستوطنين المطالبين بالتعويضات خلال معركة سيف القدس، بقيمة ٥٢٠٠ طلب تعويض وهو ضعف عدد المطالبين بعد عدوان عام 2014 الذي استمر ٥١ يومًا.

"دولة حروب"

ويصف الخبير في الشأن الإسرائيلي نظير مجلي، (إسرائيل) بـ"دولة الحروب" التي تشكل الميزانية العسكرية فيها ثلث "ميزانية الدولة"، وتضاف إلى هذا المبلغ قروض لا تدخل في حساب تلك الميزانية".

يقول مجلي لصحيفة "فلسطين": إن "دولة الاحتلال اختارت لنفسها طريق الحرب والعدوان وهي تدفع ثمن ذلك، لكنها تحاول إيجاد موازنة بديلة من خلال إنتاج الأسلحة وبيعها للخارج".

وأشار إلى أنه عام 2021 صدَّر الاحتلال أسلحة بمقدار 11 مليار دولار بعد أن جربها في الأراضي الفلسطينية المحتلة واستنزف بها دماء المواطنين، وهو كذلك يحصل على دعم أمريكي سنوي لا محدود يقدر بنحو 3 مليارات دولار.

ولفت إلى أن الكثير من الأصوات بدأت تتعالى داخل دولة الاحتلال تحذر من الخسائر الاقتصادية التي ستكلف الاحتلال ثمنًا باهظًا مستقبلاً، والأهم أن هذه الحروب العدوانية لا تجلب الأمن والهدوء والاستقرار لهم.

وعن مقدرة المقاومة على استنزاف الاحتلال خلال صدها العدوان، يشير مجلي إلى إقرار أصوات إسرائيلية كثيرة بتطور المقاومة وخاصة صنع الأسلحة في غزة التي استنزفت الاحتلال اقتصاديًا، وسط مساعٍ إسرائيلية للبحث عن وسائل جديدة لمجابهتها.