فلسطين أون لاين

توأما "حماس" اللذان أسرجا العمل العسكري للمقاومة

...
العطار وأبو شمالة

قبل ثمانية أعوام ودعت كتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس "، ثلاثة من قادتها العظماء الذين أفنوا حياتهم في العمل على تطوير العمل العسكري للمقاومة، حتى أضحت اليوم قوة وازنة تصنع المعادلات وتفرضها.

معادلات مهرتها المقاومة بدماء الشهداء على امتداد المواجهة المفتوحة مع الاحتلال الصهيوني، وليس أدل على ذلك من معركة سيف القدس التي خاضتها المقاومة دفاعا عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، ومثلت محطة فارقة في الأداء العسكري للمقاومة، كان لهؤلاء القادة العظام بصمة واضحة فيها.

وخلال معركة العصف المأكول، وفي الحادي والعشرين من أغسطس، توافق الذكرى الثامنة لاستشهاد "توأمي المقاومة" وعضوي المجلس العسكري العام في كتائب القسام رائد العطار ومحمد أبو شمالة، برفقة القائد محمد برهوم من الرعيل الأول للقسام.

مسيرة جهادية زاخرة بالتضحية والعطاء، ختمت بالشهادة بعد أن استهدفت طائرات الاحتلال الحربية بعدة صواريخ منزلاً بحي تل السلطان بمدينة رفح خلال معركة العصف المأكول عام 2014.

وعلى مدار سنوات طويلة، ساهم "توأما المقاومة" في إحداث نقلة نوعية في أداء كتائب القسام وتطوير قدراتها العسكرية والأمنية والاستخبارية، حتى غدت اليوم أقوى شكيمة من ذي قبل، وقوة لا يستهان بها، يحسب العدو لها ألف حساب، قوة قادرة على وقف تمدد مشروعه الإحلالي في المنطقة، ودحره عن أرضنا الفلسطينية.

وبينما تمر الذكرى الثامنة على استشهاد توأمي المقاومة ورفيقهما برهوم، تتجلى صورة المقاومة في بصمات قادتها وغرسهم الذي أثمر قادة واصلوا الطريق على نهج الشهداء، فغدت محطات حياتهم منارات لا تنطفئ تهتدي به الأجيال لاستكمال مسيرة المقاومة حتى دحر الاحتلال.

رائد العطار.. صائد الجنود

انتسب رائد العطار وهو فتى إلى حركة حماس، وانضم إلى جناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام، وجاهد في مواقع كثيرة إلى أن تولى قيادة لواء رفح.

آمن منذ البداية بأن الاحتلال لا يفهم إلا لغة السلاح، فبادر إلى التدريب والإعداد، لكن السلطة الفلسطينية عاجلته سنة 1995 فحكمت عليه بالسجن سنتين بتهمة التدريب على أسلحة غير مشروعة.

وحكمت عليه ظلماً محكمة أمن الدولة التابعة للسلطة -في 10 مارس/آذار 1999- بالإعدام، على خلفية مقتل شرطي في أثناء مطاردته ثلاثة من المجاهدين، إلا أنه أعيد النظر في الحكم؛ على  إثر احتجاجات شعبية واسعة ضد الحكم.

عدّته قوات الاحتلال الوريث الفعلي لرئيس أركان كتائب القسام أحمد الجعبري الذي اغتالته بغارة في عدوانها على غزة سنة 2012، ووصفته بأنه "صائد الجنود" الذي جعل هدف حياته خطف الجنود من أجل تحرير الأسرى الفلسطينيين.

أبو شمالة.. رائد الإمداد والتجهيز

تعدّ كتائب القسام الشهيد القائد محمد أبو شمالة من أبرز مؤسسيها، وكان قبل استشهاده قائداً لدائرة الإمداد والتجهيز، وعضواً في المجلس العسكري العام.

أصبح أبو شمالة من أبرز المطلوبين لأجهزة المخابرات الإسرائيلية منذ عام 1991، وأمضى في سجون الاحتلال تسعة أشهر، وفي سجون السلطة الفلسطينية ثلاث سنوات ونصف السنة.

نجا من محاولتي اغتيال، كانت الأولى عام 2003 عندما تعرضت سيارته لغارة جوية، وأصيب بجروح بعد أن قفز منها بالقرب من المستشفى الأوروبي بين مدينتي رفح وخانيونس، والثانية عام 2004 عندما اجتاحت قوات الاحتلال مخيم يبنا، وحاصرت منزله ودمرته بعد أن فشلت في النيل منه.

لم يسلم منزله الذي يقع في منطقة الشابورة وسط مدينة رفح من القصف والتدمير مرات عدة، كان آخرها في أثناء معركة العصف المأكول.

توأم المقاومة

انطلق القائدان -العطار وأبو شمالة- في مسيرة المقاومة معاً، وعرفا معاً في البدايات كما في النهايات، فشاركا في تأسيس بنية الكتائب في محافظة رفح، وقادا العديد من العمليات الجهادية ضد الاحتلال في الانتفاضة الأولى عام 1987م.

تظهر بصماتهما واضحة في الإشراف على العديد من العمليات الكبرى في انتفاضة الأقصى، مثل عملية براكين الغضب و"محفوظة" و"حردون" و"ترميد" والوهم المتبدد، كما كانا من أبرز القادة في معارك الفرقان وحجارة السجيل والعصف المأكول.

كما تزينت صورة النصر الكبير للمقاومة في صفقة وفاء الأحرار، بصورة العطار إلى جانب الجعبري وهما يسلمان الجندي جلعاد شاليط للجانب المصري، فيما نشرت القسام لأبو شمالة -عقب استشهاده- صوراً يظهر فيها وشاليط أسيراً في قبضة وحدة الظل التي حافظت عليه أسيراً حتى صفقة التبادل، ليلقي ذلك الضوء على دور القائدين في تمريغ أنف الاحتلال في التراب وإثبات فشله الاستخباري الفادح.

برهوم.. من المطاردة للشهادة

أما الشهيد القائد محمد برهوم فهو رفيق درب الشهيدين محمد أبو شمالة ورائد العطار، وكان من أوائل المطاردين من كتائب القسام لقوات الاحتلال عام 1992م.

ونجح برهوم بعد مدة من المطاردة في السفر إلى الخارج سراً، وتنقل بين عدة دول، ثم عاد في انتفاضة الأقصى إلى قطاع غزة ليلتحق من جديد برفاق دربه وجهادهم ضد الاحتلال.

ولم تثنهِ المطاردة وتجربة الإبعاد عن مواصلة تدريبه ونضاله ضد المحتل من داخل صفوف كتائب القسام، فقاتل الإسرائيليين ودافع عن غزة، وأمّن السلاح والتدريب، وشارك في التصدي للمحتل في اعتداءاته المتكررة على القطاع إلى أن لقي الله شهيدا.

يوم الشهادة

فجر يوم الخميس 21/08/2014م هزّت مدينة رفح عدة انفجارات ضخمة؛ نتج عنها تدمير منزل في حي تل السلطان غرب مدينة رفح وتضرر عدة منازل محيطة به، استشهد القادة الثلاثة وخمسة مواطنين آخرين، وأصيب نحو أربعين.

12 صاروخا من الطائرات الحربية كانت كفيلة بتسوية المنزل المكون من ثلاثة طوابق بالأرض، وعلى الرغم من أجواء الحرب إلا أن رفح خرجت عن بكرة أبيها في وداع الشهداء في مشهد قل نظيره، لتكون رسالة واضحة للمحتل أن إرادة شعب مقاوم لا تنكسر باستهداف قادته.

وتأكيداً على مواصلة المقاومة واستمرار النهج، أطلقت كتائب القسام على صاروخين حديثين من تصنيعها أسماء القائدين العطار وأبو شمالة، لتشحذ ترسانتها القتالية للمعركة بصاروخي (SH) و(A)، ولتبقى أشباحهما تطارد الاحتلال حتى كنسه من الأرض والمقدسات.

المصدر / فلسطين أون لاين