فلسطين أون لاين

عشرة أيام حاسمة في تاريخ المنطقة

يتنازع لبنان و(إسرائيل) على منطقة بحرية غنية بالنفط والغاز في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومترًا مربعًا، وفق خرائط مودعة لدى الأمم المتحدة، وقد جرت مفاوضات غير مباشرة بين الطرفين حول تقاسم المياه الإقليمية، برعاية الأمم المتحدة، وعُقدت 5 جولات من التفاوض كان آخرها في مايو/أيار 2021، حين توقفت المفاوضات لأن لبنان قدم خريطة جديدة تدفع بحق لبنان في 1430 كيلومترًا إضافيًا، لتبلغ المساحة المتنازع عليها هي 2290 كيلومترًا، وهو ما رفضته (إسرائيل) وأدّى إلى توقف المفاوضات.

وكعادتها، وبهدف فرض الأمر الواقع، استعانت (إسرائيل) في يونيو/حزيران 2022، بسفينة يونانية مخصّصة لإنتاج الغاز وتصنيعه وتخزينه، إذ بدأت التحضيرات لاستخراج الغاز من حقل “كاريش” الذي يقع في المنطقة المتنازع عليها بين لبنان و(إسرائيل).

ومع اقتراب موعد بدء ضخ الغاز في سبتمبر/أيلول المقبل، يزداد التصعيد في التصريحات من جانب حزب الله من جهة، والمسؤولين الإسرائيليين من جهةٍ ثانية، وهذا الذي حرك الولايات المتحدة الأمريكية للبدء في مفاوضات غير مباشرة بين الطريفين بهدف نزع فتيل التفجير.

مفاوضات تحت التهديد كما يريدها حزب الله، ومفاوضات المماطلة، وفرض الأمر الواقع، على طريقة (إسرائيل)، هذه المفاوضات صارت محكومة بزمن، وتنتهي مع نهاية شهر أغسطس/آب الحالي، موعد استخراج الغاز من حقل "كاريش"، وقد نقل المُحلِّل العسكري لموقع واللا العبري، عن مسؤولٍ أمنيٍّ رفيع المستوى في (تل أبيب) قوله: إنّ “الجيش الإسرائيليّ سيرفع مستوى التأهب مع اقتراب موعد تشغيل حقل كاريش، وسلاح الجو والبحر مستعدون لكل التطورات، منها سيناريو التعامل مع عدة أيام من القتال مع حزب الله”، مضيفًا أنّ التوتر الأمني لا يُفترض أنْ يصل إلى مواجهة عسكرية مبدئيًّا، هذا الحديث الإسرائيلي يتعارض مع تهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي يستعد لما هو أبعد من عدة أيام.

ضمن سيناريو التصعيد والمواجهة المفتوحة أو المحدودة، يظن بعض المراقبين أن الأمور لن تصل إلى حد المواجهة، وستذهب الأمور إلى التأجيل وليس إلى التفجير، وذلك لأنه لا أمريكا ولا (إسرائيل) ولا لبنان بحاجة إلى مشكلة جديدة، وتوقف العمل المؤقت في حقل كاريش إحدى التسويات المطروحة حتى اللحظة.

توقف العمل بحقل كاريش ولو موقتاً، يعد نصراً لحزب الله، لذلك يقدر البعض أن يتم التوصل لحل وسط، يتنازل لبنان عن الخط 29 الذي يقع ضمنه جزء من حقل كاريش، مقابل اعتراف (إسرائيل) بسيادة لبنان الكاملة على حقل قانا الذي يقع ضمن الخط 23.

هذه الاقتراح للتهدئة، وقد تؤجل المفاوضات بين الجانبين إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية في تشرين الثاني والانتخابات الرئاسية اللبنانية في تشرين الأول، وإذا كانت الانتخابات اللبنانية ستتأثر إيجاباً بتأجيل استخراج الغاز من حقل كاريش، فإن الانتخابات الإسرائيلية ستتأثر سلباً من هذا التأجيل، وسيخسر رئيس الحكومة الكثير من المؤيدين.

ومهما تكن النتائج، فنحن أمام عشرة أيام حاسمة في تاريخ المنطقة، وفي حالة التصعيد، أو في حالة التسوية، فالقضية الفلسطينية ليست بعيدة عن السواحل اللبنانية، وفي الحالتين ستنسحب النتائج على الأوضاع الفلسطينية، لتظل القضية الفلسطينية فراش كل صراع في المنطقة، وهي الغطاء لكل اتفاق.