فلسطين أون لاين

تقرير القدس المحتلة.. مدينة مُهدَّدة بفعل الأنفاق الإسرائيلية

...
صورة أرشيفية
غزة/ أدهم الشريف:

لم يكتفِ الاحتلال بمحاولات التهجير والسيطرة على ما فوق الأرض في مدينة القدس المحتلة، بل نزل إلى ما في أسفلها ونبش باطنها من طريق مؤسساته وجمعياته الاستيطانية، محاولًا العثور على آثار مزعومة تُثبت أحقيّته بعاصمة فلسطين الأبدية؛ لكن دون جدوى.

وإن كانت انتهاكات الاحتلال وجرائمه على أرض القدس معروفة للمقدسيين ويتصدون لها، فإنّ الاحتلال يحاول إخفاء ما يُنفّذه في باطن المدينة المحتلة من عمليات حفر وتهويد.

غير أنّ تقارير عديدة استطاعت توثيق عمليات الحفر الإسرائيلية والهادفة أساسًا إلى هدم المسجد الأقصى، وإقامة الهيكل المزعوم.

وتشير التقارير ذاتها إلى أنّ شبكة الأنفاق جعلت القدس وما تضمُّه من مقدسات إسلامية عبارة عن مدينة مُهددة، بفعل عشرات أنفاق التهويد.

وتؤكد التقارير أنّ عدد أنفاق التهويد الإسرائيلية وصل إلى 26 نفقًا، تمتد أسفل أحياء وقرى مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك.

وتقول شخصيات ومصادر مقدسية إنّ الاحتلال يجري حفريات شاملة للمنطقة كلها، من ذلك أسفل المسجد الأقصى ومحيطه، ولقد أدت إلى عدة انهيارات في المباني بمحيط الأقصى من جهة سلوان والجهة الغربية للمسجد في بلدة القدس القديمة، ما يدل على أنّ شيئًا ما يجري هناك.

وكان "الصندوق البريطاني لاكتشاف آثار فلسطين" اكتشف خلال بعثة له في فلسطين من 1867 حتى 1870 حفريات في قرابة 20 موقعًا بفلسطين، بهدف البحث عن بقايا "الهيكل" المزعوم، وتركّزت في القدس وجوار المسجد الأقصى لإيجاد دليل أو بقايا دليل على ما يسمى "الأرض الموعودة" و"الهيكلين الأول والثاني".

وبعد إكمال احتلال مدينة القدس سنة 1967 بدأت (إسرائيل) فعليًّا تنفيذ حفريات كبيرة جنوب الأقصى وغربه وصلت إلى عمق 14 مترًا، وكشفت عن بقايا آثار القصور الأموية، ومنها الحجارة العملاقة.

النفق الغربي

"النفق الغربي" من أول الحفريات التي نفّذها الاحتلال، وبوشرت الحفريات فيه سنة 1970 وتوقّفت 1974 ثم استُؤنفت بعد عام.

يمتدُّ "النفق الغربي" من أسفل المحكمة الشرعية (المدرسة التنكزية) بمحاذاة الجدار الغربي للمسجد الأقصى من الجنوب إلى الشمال مرورًا بخمسة أبواب من أبواب الأقصى؛ ولقد أدت الحفريات إلى انهيارات وتشقُّقات في المباني المقدسية والبيوت، ووصل حفر النفق إلى عمق 11-14 مترًا.

وفي 1987 أعلن الاحتلال اكتشاف قناة مياه سبق أن اكتشفها الجنرال الألماني كونراد تشيك بطول ثمانين مترًا، وحاول الاحتلال استكمال الحفريات إلى ملتقى باب الغوانمة وتوصيل النفق بقناة المياه، عام 1988؛ فتصدّى المقدسيون له.

لكنّ المحاولة تواصلت سرًّا حتى وصل طرفي القناة وفتح بابًا خارجيًّا أسفل المدرسة العمرية على خط طريق المجاهدين، في مدة حكومة بنيامين نتنياهو عام 1996، واندلع في إثرها مواجهات بين الاحتلال والفلسطينيين في القدس والأراضي المحتلة فيما عُرف بهبة النفق.

ويُعدُّ هذا النفق الأشهر والأطول بالنسبة للاحتلال، ويصل طوله إلى 450 مترًا، وارتفاعه إلى مترين ونصف، ويحتوي اليوم على منشآت أخرى: متحف، ومطاهر، وكنس، وغيرها.

وفي حدث تاريخي آخر حاول الاحتلال في 21 آب (أغسطس) 1981 إعادة فتح النفق الممتد من باب القطانين باتجاه الشرق نحو قبة الصخرة، وهو النفق الذي تحدث عنه الكولونيل وارين عام 1887، فاعتصم المقدسيون داخله بعد أن كشفوا أنّ الحفريات وصلت إلى منطقة بئر سبيل قايتباي داخل حدود الأقصى، وصبّت دائرة الأوقاف خرسانة في البئر لمنع مواصلة حفر النفق نحو قبة الصخرة.

أما نفق "حمام العين" الذي يصل طوله إلى 200 متر فقد بدأ العمل به نهاية 2004 وأوائل 2005، أسفل وقف حمام العين نهاية طريق باب الواد في القدس القديمة، وتضمَّن حفرًا تحت الأرض لقاعات تاريخية، بهدف الوصل بين هذه القاعات التي كُشف عن حفرها لاحقًا والنفق الغربي.

أيضًا حفر الاحتلال "قاعة سلسلة الأجيال"، وهي عبارة عن نفق عرضي طولي يتصل بأنفاق الجدار الغربي للأقصى من الجهة الغربية الشمالية له، وهو عبارة عن سبع غرف تحت الأرض تحكي تاريخًا مُزيّفًا لليهود من طريق الشكل والحجر "الميزايكا" والمؤثرات الصوتية، وتواصل العمل بهذا النفق سبع سنوات سرًّا، من 1999 حتى 2006.

أما نفق "مغارة سلوان" فهو عبارة عن تجويف صخري يمتد من يمين باب العامود باتجاه الشمال أسفل بيوت القدس القديمة، على امتداد نحو ثلاثمئة متر، ولا تُعرف نقطة النهاية، ولقد لجأ الاحتلال إلى حفر نفق عدّه مخرج طوارئ قريبًا من باب الساهرة.

عين سلوان

وفي 17 حزيران (يونيو) 2006 كُشف عن نفق قريب من مجمع عين سلوان وسط بلدة سلوان الواقعة جنوب الأقصى، ويصل عمق النفق إلى 12 مترًا قامت عليه جمعية إلعاد الاستيطانية، وتَبيَّن لاحقًا أنّ هذا النفق حُفر لوصل جزأين من نفق سلوان-وادي حلوة.

وفي 28 كانون الآخر (يناير) 2007 كُشف عن حفر جمعية "إلعاد" الاستيطانية نفقًا جديدًا من أسفل حيّ سلوان عن يمين المسجد الأقصى، يتجه نحو الشمال.

وكُشف عن درج متدرج، لكن بعد أشهر توقفت الحفريات في المنطقة، ويُعتقد أنّ هناك نفقًا أطول في الجهة الموازية أي عن يسار المسجد، يتجه نحو الشمال باتجاه المسجد الأقصى.

وكان الاحتلال بدأ العمل في حفر نفق وادي حلوة مطلع 2008 على مقاطع، وينطلق من وادي حلوة- بيوت آل صيام، ويتجه إلى الجنوب باتجاه وسط سلوان، وهو نفق صخري ولا يزال العمل يتواصل مع وجود بعض التفريعات الجانبية.

أيضًا الاحتلال حفر نفق سلوان- وادي حلوة، وهو النفق الذي كشف عنه عام 2009 أسفل الجهة الغربية لمسجد عين سلوان باتجاه الشمال نحو مدخل حي وادي حلوة، وكشف عن مراحل النفق بالتدريج على عدة سنوات، وهو يلتقي بنفق وادي حلوة ليشكلا نفقًا واحدًا طوله نحو ستمئة متر، تُضاف إليه أجزاء أخرى في أعالي حي وادي حلوة (حفريات جفعاتي).

وكُشف في السنوات الماضية عن نفق وادي حلوة- الزاوية الجنوبية الغربية للأقصى، ويمكن الدخول إليه أسفل مبتدأ حي وادي حلوة (حفريات جفعاتي) باتجاه الشمال، وهو يخترق أسفل السور التاريخي للقدس القديمة، ويصل إلى الزاوية الجنوبية الغربية للأقصى، ويخرج منه عبر فتحة في منطقة القصور الأموية الغربية.

أما الحفريات أسفل أساسات المسجد الأقصى فهي أسفل الجدار الغربي للأقصى، وتمتد من الزاوية الجنوبية الغربية باتجاه الشمال لتصل تقريبًا أسفل باب المغاربة (ثمانون مترًا)، وكشفت هذه الحفريات عن الحجارة العملاقة التي تُشكّل أساسات الأقصى وأيضًا المنطقة الصخرية، ولا يزال العمل فيها جاريًا ولا يُسمح بالدخول إلى هذه المنطقة رسميًّا، لكن يمكن مشاهدة بعض أجزائها.

أما النفق اليبوسي فهو عبارة عن نفق في الصخر والممر المائي في الحقبة اليبوسية، ويتفرع إلى نفقين يبدأان من أسفل مدخل هضبة سلوان جنوب الأقصى (البؤرة الاستيطانية-مركز زوار مدينة داود)، وينتهيان في منطقة حي البستان وسط بلدة سلوان، وطولهما نحو 350 مترًا.

وتُنفّذ الجمعيات الاستيطانية -وأبرزها "إلعاد"- الحفريات بمساعدة ما يُسمى سلطة الآثار في حكومة الاحتلال، وبحماية كاملة من أجهزته الأمنية، محاولة تغيير التاريخ الحضاري وفقًا لما يخدم الاحتلال على حساب أهالي مدينة القدس.

وتُشير تقارير إلى حفريات وأنفاق تحدثت أطراف عدة عنها، لكن لا يمتلك أحد حقائق تُثبت وجودها، ولم يتمكن أحد من التقاط صور لها.