حذّر رئيس مؤسسة القدس الدولية في فلسطين د. أحمد أبو حلبية من خطورة استمرار الاحتلال الإسرائيلي في أعمال الحفريات حول المسجد الأقصى، واستهداف أساساته، مُنبّهًا إلى أنه يراهن على عامل الزمن ووقوع زلزال لهدم المسجد.
وأكد أبو حلبية لصحيفة "فلسطين" أنّ الاحتلال يحاول فرض الهيمنة والسيطرة وسياسة الأمر الواقع على المسجد الأقصى، وفرض التقسيم المكاني بداخله، واقتطاع أماكن معينة لمصلحة المستوطنين.
وبيّن أنّ الاحتلال يحاول اقتطاع أجزاء من منطقة مصلى باب الرحمة، والمنطقة الواقعة شمال مسجد الصخرة المشرفة، والمنطقة الشرقية بالقرب من المصلى المرواني ومدخل باب المغاربة، وصولًا إلى سور المنطقة الشرقية.
وقال رئيس مؤسسة القدس الدولية: "إنّ الاحتلال يفرض أمرًا واقعًا كبيرًا وخطرًا في داخل مدينة القدس بمواصلة مصادرته أراضي المقدسيين والاستيلاء عليها، من أجل توسيع المغتصبات الصهيونية القائمة، وبناء مغتصبات جديدة بالقدس، وتوسيع جغرافية المدينة المقدسية".
وأضاف: "إنّ الاحتلال يُصادر أراضي بالغور الشمالي والأوسط والجنوبي، لضمّها لِما يُسمّى مشروع القدس الكبرى بمساحة 600 كيلومتر مربع، وهدم المئات من منازل المقدسيين في أحياء القدس المختلفة، واستولى على عقارات أخرى، بهدف تهويدها وطمس معالمها وآثارها الإسلامية والمسيحية".
بداية الحفريات
وذكر أبو حلبية أنّ الحفريات والأنفاق بدأت في القدس عام 1967م، "واستمرت إلى أسفل جميع ساحات وأحياء المدينة المقدسة كـ"حي الواد، والمغاربة، وسلوان، والشرف، والبستان، والثوري، ووادي حلوة".
ووصف تساقط الحجارة من أعمدة وأساسات المسجد الأقصى القديم الذي يقع أسفل المصلى القِبلي المسقوف بالخطر، إذ يعمل على تغيير معالم المدينة المقدسة.
وأشار أبو حلبية إلى أنّ خبراء وعلماء حذّروا أكثر من مرة من خطورة ما يقوم به الاحتلال أسفل المسجد الأقصى.
وبيّن أنّ الحفريات التي يُجريها الاحتلال في منطقة القصور الأموية المحاذية للسور الجنوبي للمسجد الأقصى هدفها السيطرة الكاملة عليه، مشددًا على "أنها أرض مقدسة، ولا صلة للاحتلال بها من قريب ولا من بعيد".
وعن الحفريات الجديدة التي تُكتشف، أو يعلنها الاحتلال بين الفينة والأخرى؛ جدّد أبو حلبية تأكيده أنّ الاحتلال يحاول فرض الأمر الواقع على الأرض الفلسطينية، خاصة المسجد الأقصى المبارك، وحاضنته مدينة القدس.
وتابع: "نسمع كل يوم بوجود حفريات أسفل المسجد الأقصى، أو الجهة الشرقية أو الجنوبية أو الغربية، وهو ما أدى إلى وقوع بعض التشقُّقات وبعض الانهيارات في بعض منازل المقدسيين غربي المسجد الأقصى، وبعض الأحياء كحيّ وادي حلوة".
وبيّن أنّ الاحتلال يُراهن على عامل الزمن، ووقوع زلزال طبيعي أو اصطناعي لهدم المسجد الأقصى، وإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاضه، قائلًا: "فهم يدّعون أنّ الأقصى مُقام في موضع هيكلهم المزعوم، لذلك تتركز الحفريات في المنطقة الجنوبية الغربية للمسجد".
وأكد رئيس مؤسسة القدس الدولية أنّ الاحتلال يعمل على تهجير المقدسيين، وزيادة عدد المستوطنين، لاعبًا في مربع الديمغرافيا للمنطقة.
وبيّن أبو حلبية وجود معركة ديمغرافية سكانية في مدينة القدس يشنُّها الاحتلال على المقدسيين، بهدف تغيير المعادلة السكانية هناك، كهدم منازل المقدسيين أو الاستيلاء عليها، وإحلال مكانهم ما لا يقل عن مليوني مستوطن وإسكانهم بالقدس أو البؤر الاستيطانية المحيطة بالمدينة المقدسة.
وثمّن صمود المقدسيين ووقوفهم في وجه الاحتلال وإفشال مخططاته العنصرية، مضيفًا: "نراهن على المقدسيين والمرابطين والمرابطات بالقدس، لإفشال مخططات الاحتلال لتهويد المدينة المقدسة بالكامل، وطمس معالمها وآثارها الإسلامية والمسيحية، وتغيير هويتها وطابعها الإسلامي العربي، واستحداث تاريخ يهودي مزيف بالمكان".
وأكد أنّ المراهنة على المقدسيين بمكانها، مستعرضًا الهبات الجماهيرية التي أطلقها المقدسيون خلال السنوات الماضية، وأفشلوا بها مخططات الاحتلال، إلى جانب تنفيذ عمليات الطعن والدعس، مستدركًا: "لكنهم يحتاجون إلى دعم وتأييد على المستوى العربي والإسلامي لتثبيت صمودهم".
وعن موقف الفصائل ممّا يحدث في مدينة القدس، ومحاولة الاحتلال الالتفاف على منجزات معركة "سيف القدس" قال أبو حلبية: "إنّ الفصائل تختار الوقت المناسب للرد على جرائم الاحتلال"، مُذكِّرًا بوعد الفصائل والغرفة المشتركة في وقت سابق بعدم التواني في الرد على جرائم الاحتلال بالقدس والأقصى.
وأكد أنّ ما حصل في القدس خلال المعركة، والربط بين المقاومة بغزة والقدس والأراضي المحتلة عام 1948م دليل على أنّ الشعب الفلسطيني بكلّ مكوناته لن يسكت عن مخططات الاحتلال في المدينة المقدسة.
وتوقّع اندلاع ثورة قوية، وانتفاضة عنيفة بالقدس ردًّا على جرائم الاحتلال هناك، ستكون أشبه بانتفاضة السكاكين عام 2015، وهبة باب الأسباط ومعركة البوابات الإلكترونية عام 2017، وهبة باب الرحمة عام 2019.
وقال رئيس مؤسسة القدس: "إنّ التطبيع العربي مع الاحتلال شجّعه على تسريع خطواته وتكثيفها لهدم المدينة المقدسة، وفرض الأمر الواقع في المسجد الأقصى المبارك، واستغلال أزمة كورونا لاستقدام وفود تطبيعية لاقتحام القدس مع المستوطنين".
وحذّر من خطورة التطبيع، واصفًا إياه بالخيانة للقضية الفلسطينية والقدس والمسجد الأقصى المبارك، والجريمة بحقّ الأمة كلها المالك الحقيقي له.
وعن دور علماء الأمة تجاه ما يحدث في القدس والأقصى قال أبو حلبية: "علماء الأمة عبّروا عن استنكارهم لما يقوم به الاحتلال بالقدس، وطالبوا جماهير الشعوب العربية والإسلامية بالتحرك وتنظيم المسيرات والوقفات أمام السفارات رفضًا لجرائم الاحتلال بالقدس".
وأضاف: "إنّ علماء الأمة طالبوا بدعم صمود الأهل في القدس والأقصى، وهو واجب على أبناء الأمة إذ إنه ملك للعرب والمسلمين"، داعيًا إياهم لمضاعفة جهودهم لنصرة المسجد الأقصى أمام اعتداءات الاحتلال، وتوضيحها للعالم.