فلسطين أون لاين

المقاومة الجديدة

يعمل الاحتلال الإسرائيلي وأدواته في المنطقة بالتزامن مع خطة أمريكية بتنفيذ إقليمي على فكرة "الفلسطيني الجديد" التي يحاول من خلالها تجريد أصحاب الحق من كل مقومات التحدي والصمود وصولا للتحرير؛ من خلال برامج استنزاف مباشر وحرب اقتصادية وغسل للدماغ بصورة غير مباشرة؛ عبر الإعلام الموجه والبرامج الثقافية التي تمولها أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، والتي في صلب أهدافها جعْل الفلسطيني في معادلة المقاومة الجميلة واستبعاد نظرية المقاومة، "جميلة" هي الحرب النفسية والتغذية السلبية للعقول حتى باستخدام "ال" التعريف.

هنا وفي ظل الوجه الحقيقي للأوروبيين الذين:

* أدانوا مقاومة الشعب الفلسطيني وشجعوا تصدي الشعب الأوكراني.

* ربطوا الدعم المالي بتغيير المناهج لصالح رواية الاحتلال.

* حاصروا صوت الشعب ضمن شروط الرباعية الدولية في أبشع مشهد تواجه فيه الدول شريحة منتخبة وصوت شعب.

* دعموا أوكرانيا بكل شيء بالتزامن مع حصارهم لغزة وتمزيق الضفة بمشاريعهم.

هذا كله في إطار معادلة دولية تحاول تغيير الحقائق بأن الفلسطيني الجديد هو صاحب المقاومة الجميلة التي لا تتعدى بيانًا أو فقرة فنية، على حين الاحتلال الإسرائيلي سارق الغاز وقاتل الأطفال ومحاصر كنيسة القيامة والمسجد الأقصى المبارك هو الواحة الوحيدة للديمقراطية، ويعززون شطب نظرية المقاومة جميلة، أي بكل أشكالها هي جمالية الحرية والكرامة.

على وقع المشهد الدولي الذي أفرز لنا إعلامًا ومؤسسات وإدارات وشخوصا تنفذ برامجهم وتستهدف شعبا ينشد حقه، جاءت صفعة الفلسطيني الجديد الذي جعل المقاومة جميلة بتطور نوعيتها وتصاعد وتيرتها وذكاء ومهارة قيادتها.

صرفت المليارات وعززت خطط الجنرال مولر ودايتون وضخوا كل الميزانيات المالية للأمن والتنسيق وحاصروا المقاومة والشعب؛ ليس من الداخل وحسب وإنما من أعالي البحار.

وبالتفصيل أكثر بات مهمًّا أن يعاد النظر في جغرافيا المقاومة ومعيار الميادين وآليات العمل المقاوم.

فلا يعقل أن توضع خطوط حمراء غير مدروسة وحينما يتخطاها الاحتلال لا يرى ردًّا فنعطيه ضوءًا أخضر من حيث لا نعلم ليتمادى أكثر.

فاغتيال الشهيد إبراهيم النابلسي واقتحامات المسجد الأقصى المبارك إشارات واضحة على أن الاحتلال يسعى لشطب ما وصلت إليه الأطراف في سيف القدس في مايو/ أيار الماضي، وهنا وجب التعمق أكثر والبحث فلسطينيًّا في إبقاء هذه الخطوط الحمراء بالتزامن مع جغرافيا جديدة للرد أو الردع، وهذا يحتاج إلى عمق في بحث ساحة الضفة والقدس والداخل والحدود والشتات والتفكر والإبداع في ترابط كل هذه الساحات مستخدمين عناصر عديدة غير مستغلة، ليس بدءًا بالرباط في القدس بصورة جماهيرية والتحرك الشعبي في الداخل مرورًا بالجاليات في الخارج ومشهد التطوير في الضفة الغربية وصولًا إلى غزة.

وفي السياق ذاته وبالاهتمام أكثر بما لدينا من أسلحة جماهيرية وقانونية وعسكرية وسياسية وإعلامية في كل الجغرافيا تصبح الميادين ميدانا واحدا، والخطوط الحمراء أكثر قوة وتوسعا، وحتى الخسائر في جانبنا وهدر الوقت سيقل كثيرا، والاحتلال سيزداد رعبا، وعلاوة على ذلك تعطي المقاومة العسكرية العباءة الشعبية والسياسية والإعلامية والحاضنة، تلك العباءة التي يسعى الاحتلال ليل نهار لتمزيقها لتبقى المقاومة معزولة وعبارة عن مليشيات مسلحة في نظر العالم وليست شعبا ينشد حقا.

العنصر الجماهيري والبعد الجغرافي والدولي والإعلامي وكل السبل حان الوقت لتفريغ الطاقات لها لتفعيلها؛ حتى نخرج من هذا المربع إلى حيث لا تشتهيه سفن الظلم والمؤامرة.