قبل عدة أيام كتب الأستاذ فتحي أبو العلا، الخبير في مجال التطوير الرياضي والعضو السابق في اتحاد كرة القدم، عن أزمة عقود اللاعبين في غزة، إذ جاءت معالجته للقضية الشائكة بطريقة فيها نوع من الواقعية التي أنتهجها في تناولي لجميع القضايا، إذ إن الواقعية تعد طريقًا لحل الكثير من الأزمات، ولا سيما إذا ما تعاملنا مع كل القضايا بواقعية وعقلانية وعاطفية في آن واحد، على الرغم من أن الواقعية لا تعترف لا بعقل ولا بعاطفة.
ولكوننا في غزة نمارس الرياضة كهواة وليس كمحترفين، فإن مجرد استخدام مصطلح "هواة" يعني إلغاء شيء اسمه عقود من قاموس الرياضة الغزية، على عكس ما يحدث في الضفة الغربية من دوري محترفين انطلق في عام 2010.
أما في غزة، فلا نحن نُطبق الاحتراف بحذافيره، ولا نحن نطبق مبدأ الهواة، فنحن نعيش خليطًا من هذا وذاك، وهذا بحد ذاته نوع من أنواع الواقعية التي فرضت نفسها علينا في ظل التطور المنطقي للحياة عامةً والرياضة خاصةً.
فلم يعد هناك مجال لممارسة كرة القدم تحت مبدأ الهواة، لأن كرة القدم أصبحت مهنة للاعبين يعتاشون منها، وهذا بحد ذاته أدى إلى إبرام عقود بين جميع الأندية وبعض اللاعبين ولا سيما الذين يمتلكون بطاقاتهم.
وهنا في هذا المقال، سأنقل لكم ما كتبه أبو العلا، ومن ثم سنناقش في مقالات قادمة الأزمة والحل.
-
الاحتراف الفني والإداري للفرق واللاعبين
ما دام لم يعد بإمكاننا كبح نظام الاحتراف المالي للاعبين والمدربين وإصرار إدارات الأندية والمديرين الفنيين على استمرارية التنافس وإبرام عقود اللاعبين والمدربين بأسعار مبالغ فيها محليًّا ودون مراعاة للأزمة المالية التي تعصف بكل مناحي الحياة الفلسطينية شمالها وجنوبها وخاصة الحركة الرياضية ومؤسساتها التي لا تقع حقيقة ضمن أولويات الحكومات الفلسطينية سوى في الإعلام والمناسبات الخاصة والتباهي بالشباب وإنجازاتهم.
مجالس إدارات الأندية تجد نفسها ورغمًا عنها تحت الضغط الجماهيري والكوادر، والمديرون الفنيون يدخلون في سوق صفقات انتقالات اللاعبين ويبرمون العقود مع اللاعبين بمبالغ عالية وهم يحملون شيكات دون رصيد تحت نظام (ع الخير)، وللعلم مصطلح (ع الخير) هو نظام تعاقدي عرفناه في عهد حفر الأنفاق، إذ يُتفق بين صاحب النفق والعمال بأنواعهم والمهنيين والشركاء الممولين والمحلات بأسعار مبالغ فيها مقابل دفعات شهرية معيشية بسيطة على أن يتم السداد (ع الخير)، بمعنى عندما يبدأ النفق بالعمل الفعلي ويحقق أهدافه.. وكذلك أصبحت عقود الأندية مع لاعبيها ع الخير عندما تأتي منحة السيد الرئيس والرعاية.
إلا أن أصحاب الأنفاق كانوا أكثر وعيًا من إدارات الأندية في تعاقدهم بنظام (ع الخير)، ففي حال عدم وصول الخير بمعنى أن ينهار النفق ولا يعمل أو يتم قصفه من الاحتلال أو يكتشفه الجانب الآخر ويتم إغلاقه أو لأي سبب آخر يعوق تشغيله وتحقيق أهدافه، ففي هذه الحالات يقوم صاحب النفق بتعويض المتضررين ودفع جزء من المبلغ المستحق حسب طاقته وليس المبلغ كاملًا. وأعتقد أن إدارات الأندية يمكنها الاستفادة من هذه الفكرة في وضع شرطين للتعاقدات مع اللاعبين والمدربين، أولهما في حال عدم وصول الخير يتم تعويض المتضررين بنسبة 50% من العقد وثانيهما في حال عدم تحقيق الهدف من التعاقدات والوصول إلى ترتيب معين.. ففي حال وصول الفريق إلى مربع المنافسة وتشمل المراكز من الأول حتى المركز الرابع يتم دفع قيمة العقد كاملًا إضافة إلى التكريم وفي حال الخروج من المنافسة وتشمل المراكز من الخامس إلى السابع يتم خصم 30% من قيمة العقد.. وفي حال الحصول على المراكز من الثامن حتى العاشر يتم خصم 40% من قيمة العقد وفي حال الهبوط يتم خصم 60% من قيمة العقد.
أعتقد أن نظام (ع الخير) قد يكون أكثر عدلًا بالنسبة للأندية من الناحية المالية وأكثر عدلًا في تحفيز اللاعبين والمدربين لبذل أقصى جهد لتحقيق الهدف والتنافس على احتلال مراكز متقدمة تؤهلهم للاستفادة بأكبر نسبة من عقودهم المالية علماً بأن النسب والأرقام المطروحة هي لتوضيح الفكرة ومحاولة للتفكير خارج الصندوق.