في دولة الاحتلال هناك من يحتفي بما يسمونه إنجاز لبيد غانتس الأخير في عدوانه على غزة ومباغتة حركة الجهاد الإسلامي وقتله بعض قادة الجناح العسكري. أيام المعركة التي أسماها الجهاد الإسلامي (وحدة الساحات) ردًّا على سياسة تفريق العدو بين الساحات الفلسطينية وبين الفصائل الفلسطينية لم تكن طويلة في الزمن، بل كانت محدودة لم تتجاوز الأيام الثلاثة، وربما يرجع ذلك لأن العدو أصاب أهدافه بسرعة، مستعينًا بالمعلومات الاستخبارية التي توفرت له، والتي حاصرت مواقع تواجد القادة، ومواقع تنقلاتهم.
هم يحتفون بما يعتبرونه إنجازًا، ويقدمون للبيد وحزبه هناك مستقبل زيادة في أصوات الناخبين تقدر بمقعدين، ولكن هذه زيادة ناتجة عن تأثيرات اللحظة الراهنة، ولكنها زيادة غير ثابتة، وقابلة للتراجع فبيننا وبين انتخاباتهم مسافة زمنية، وأحداث غير منظورة.
هم لا يحتفون بالقتل فقط، ولكنهم يحتفون بما يظنون أنه تحقق في سياستهم التفريق بين الساحات، وبين الفصائل، وفي هذا الظن نظر.
ما وقع في هذه المعركة ما اعتبروه إنجازًا فرضته بيئة المعركة التي تشكلت من جاهزية العدو، واختياره الزمان، والأهداف، وبدئه بالضربة الأولى بعد إعداد البيئة الداخلية، والبيئة الخارجية، بينما كانت الفصائل تحاول الخروج من الشرك بدون مواجهة. لأن المواجهة كانت تناسب العدو أكثر ما تناسب المقاومة.
في دولة الاحتلال يخلطون بين واقع عملياتي، وبين سياسة يديرها لبيد تحت عنوان السلام مقابل الاقتصاد. ويقولون إن من علامات النجاح هو وجود شيء يمكن أن تخسره حماس لو شاركت في المعركة الأخيرة، ويذكرون هنا العمال، والمال القطري، والتجارة عبر معبر رفح. والأمر ليس كذلك، وقد ذكرت مقالات عبرية أخرى أنه لو أتيحت فرصة لحماس لأسر جندي إسرائيلي فهي ستضرب بالتسهيلات عرض الحائط.
هذا القول أكثر فهمًا لحالة المقاومة الفلسطينية، لأن المقاومة لم تنطلق من أجل الحكم، أو التسهيلات، وإنما انطلقت من أجل الحرية، وتقرير المصير، ولا يمكن لعاقل أن يقايض هذه القضايا الوطنية الكبرى بالتسهيلات.
هم يحتفون بجولة، ولكنهم لا يحتفون بمستقبل بلا جولات أخرى يألمون فيها لا محالة. الاحتلال لا يرحل إلا بعد شدة الألم، ولهذا تعمل المقاومة، وإن خسارتها لجولة ليس نهاية المطاف. وفرح المؤمنين بنصر الله قادم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. هذه عقيدة من يؤمن بربه، ويعمل بتوجيهات دينه، ولا يفرط بوطنه، ولا بحقه في حياة كريمة.