فلسطين أون لاين

تقرير أحلام عائلة "خليفة" تتهاوى مع حجارة منزلهم

...
غزة/ جمال غيث:

يحاول حامد خليفة وأشقاؤه الثلاثة جمع بعضٍ من ملابس أطفالهم من تحت أنقاض منزلهم، بعدما سوته طائرات الاحتلال الإسرائيلي الحربية بالأرض أول من أمس، لكن دون جدوى، فبعضها احترق وبعضها الآخر تمزق بفعل القصف.

أخذ خليفة يضرب كفًّا بالأخرى وهو ينظر إلى منزله المكون من ثلاثة طوابق قرب فندق الأمل بحي الرمال غرب مدينة غزة، الذي حولته طائرات الاحتلال إلى كومة من الركام وشتّتت جميع أفراد أسرته.

ويتساءل خليفة وهو يشير إلى منزله بغضب: "لماذا دمروا منزلنا؟! وما الخطر الذي يُشكّله ساكنوه الأبرياء على الاحتلال؟! وأين نذهب الآن بعد هذا الدمار؟!"، ليجيب: "بتنا الآن في العراء".

ورغم أشعة الشمس الحارقة يرفض خليفة وأشقاؤه مغادرة ركام منزلهم المدمر، ويصرون على البقاء بجانبه ومحاولة العثور على أي شيء يصلح لأطفالهم من تحت الأنقاض، كألعابهم وبعض الملابس.

يروي حكاية القصف: "عقارب الساعة كانت تشير إلى الواحدة والربع بعد منتصف يوم السبت، وكان أطفالنا يلعبون قبل أن تفزعنا صرخات الجيران وهم يطلبون منا مغادرة المنزل فورًا، بعدما اتصل بهم أحد ضباط الاحتلال باقتراب القصف للمنطقة".

ويضيف خليفة: "على عجل حملت أطفالي وأسرعت بمغادرة المنزل دون أخذ أي شيء منه، وما هي إلا دقائق حتى قصفته طائرات الاحتلال، وسوته بالأرض، وسوت أحلامنا معه".

ويكمل بغضب: "قبل ما يزيد على عشرة أعوام أنشأنا المنزل حجرًا حجرًا، وبلمح البصر تهاوى أمام أعيننا وأصبح كومة من الركام".

وكان منزل خليفة البالغة مساحته 220 مترًا مربعًا يؤوي نحو 20 فردًا، أصبحوا جميعهم الآن مشتتين، فبعضهم توجّه ليقيم عند أقاربه، وآخرون عند الجيران، "وأنا أجلس بالقرب منه إلى حين إيجاد مكان يؤوينا أو نعود للإقامة فوق ركام المنزل" والكلام لخليفة.

وانتهج الاحتلال خلال عدوانه على قطاع غزة سياسة قصف المنازل وتسويتها بالأرض، ورقة ضغط يمارسها على فصائل المقاومة لقبول شروطه المجحفة.

وخلال عدواني 2014 و2021 على غزة تعمّد الاحتلال تدمير الأحياء السكنية بقصف مدفعي وجوي مكثف، إلى جانب استهداف الأبراج السكنية، لدفع المقاومة إلى وقف ضرباتها الصاروخية على الأراضي المحتلة عام 1948، والضغط على حاضنتها الشعبية.

خوف وقلق

وخلّف القصف الإسرائيلي لمنزل خليفة أضرارًا كبيرة في المنازل المجاورة، وأصاب الأطفال والنساء بحالة من الخوف والهلع.

ويقول ماجد حبوش؛ أحد أصحاب المنازل القريبة من المكان المدمر: "إنّ القصف تسبب في دمار عدد من المنازل المجاورة، وتحطم نوافذها، وأصاب الأطفال بالخوف الشديد".

ويذكر حبوش لصحيفة "فلسطين" أنّ عددًا من أصحاب المنازل المجاورة غادروا المكان، بعد الأضرار التي لحقت بمنازلهم بفعل القصف الهمجي.

ويشير إلى أنّ القصف دمر ثلاث ورش للألمنيوم والحدادة والنجارة كانت تعمل أسفل المنزل المدمر، وأدى إلى فقدان أصحابها مصادر دخلهم، مُقدّرًا الخسائر التي طالت الورش أنها تتجاوز 30 ألف دولار.

وأعاد العدوان على القطاع إلى الأذهان -والقول لحبوش- صور الخوف والدمار والقلق والفقد، التي خلّفتها الاعتداءات الواسعة على القطاع في أعوام 2008 و2014 و2021.