طريق التحرير والدولة ذات السيادة طريق طويل مشحون بالمقاومة بكل أشكالها الممكنة وعلى رأسها الجهاد في سبيل الله بالنفس والمال والولد. والمقاومة لا ترتبط بالقائد الفلاني، ولا بمن استشهد، أو بمن حلَّ محله، ولكنها ترتبط بقضية التحرير ومجاهدة العدو وتحقيق الأهداف الوطنية والإسلامية.
لقد تسلم قيادة المقاومة في تاريخها المعاصر منذ عام 1948م رجال عديدون مميزون هم الآن في دار الحقّ، وجاء بعدهم خلفاء خلفوهم بإحسان، ثم وصلت راية الجهاد والمقاومة في أيامنا هذه إلى حماس والجهاد الإسلامي والفصائل الأخرى، وفقدت هذه الفصائل أيضًا قادة أفذاذ ندر أن يجود الزمان بمثلهم، وكان تيسير الجعبري الأحدث زمنًا في الرحيل اغتيالًا، ولكنه لن يكون الأخير في سلم الشهداء المتوالي، ولن يكون الغدر به بغتة، هو الغدر الأخير لدولة صهيونية تقوم على الغدر والمباغتة، وتساعدها عوامل ذاتية وخارجية على النجاح في أعمالها القذرة، التي لا تقوم بها دول أخرى.
من نال الشهادة بإذن الله يأتي من بعده من يطلبها بإرادته لا يقيل ولا يستقيل، ولا يرده خوف الاغتيال عن طريق الحق وذات الشوكة، وسيستمر العطاء الإرادي لثورة الشعب الفلسطيني المعاصرة سخيًّا ومعطاءً، لأنها ثورة تقوم على الوعي، وليست ردة فعل لحدث من الأحداث.
إن وهمًا وخيالًا قادا حكومات الاحتلال المتوالية قاما على فكرة أن القضاء على المقاومة ممكن، وأن حكومات (إسرائيل) قضت في عصرنا الحديث على مقاومة منظمة التحرير، وأخضعت قادتها لإرادة دولة (إسرائيل)، ونقلتهم من خانة الرفض وعدم الاعتراف، إلى خانة الاعتراف، والولاء، والتنسيق الأمني، في مقابل مال وسلطة حكم ذاتي هزيلة، وهذا سيتكرر مع غيرهم!
إن هذا النجاح حصل مع قادة ربطوا المقاومة بحالتهم الشخصية، وكأن كل شيء يجب أن يكون في حياتهم، ولكن قادة اليوم بعدهم لا يربطون المقاومة بأشخاصهم، ولا بحدود أعمارهم، وإنما يربطونها بالتحرير والدولة والسيادة، وهذا الربط يعني أن الطريق ما زال طويلًا وأن التضحيات ستتوالى، ولكن دم الشهداء هو القادر على تحقيق التحرير والدولة والسيادة.
ومن ثم فإن الوهم الذي قادة لبيد وغانتس للمكر والمباغتة وقتل قائد في الجهاد الإسلامي لن يحقق لهم هدف إخضاع المقاومة، وفلّ سيفها في غزة، بل سيتولى الراية من هم أشد بأسًا وإقدامًا، وسيسقط قناع الوهم الذي زين للبيد وغانتس قرار المباغتة، ولن يحقق الثنائي المخادع أصواتًا زائدة في الانتخابات بدماء شهداء الشعب الفلسطيني، لأن قادة جددًا سيجبون ثمنًا لما حدث مباغتة، وبطرق مماثلة، وحسابات دقيقة، إن شاء الله. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.