وسط استعدادات لإتمام مراسم الفرح، كانت أم رامي أبو غنيمة في بيتها تستقبل الأقارب والأحباب احتفالاً بتعليق جِهاز عروس ابنها الحاضرة في المكان، قبل أن ينقلب مشهد الزغاريد إلى دموع وصراخ، كل يتفقد من حوله لا يدرون ما الذي حصل.
تتجول أم رامي في بيتها المدمر المجاور لشقة سكنية في برج فلسطين وسط مدينة غزة، كان يأوي إليها القيادي في حركة الجهاد الإسلامي "تيسير الجعبري"، وقد انقلب البيت رأسًا على عقب.
تقول أم رامي وهي تشير من بيتها المدمر إلى برج فلسطين، إن القصف الذي استهدف الشقة السكنية في البرج وصلت شظاياه إلى بيتها، ما أدى إلى تدمير أجزاء كبيرة منه، وضياع جهاز العروس.
تتحسر أم رامي على فرحة ابنها التي كانت على بعد يومين من جمعة الخامس من أغسطس الجاري، "ثوانٍ بسيطة على سقوط صواريخ الاحتلال انقلبت بعدها موازين الفرح للعائلة، فالدخان ملأ المكان، والشظايا اخترقت أثاث المنزل، قوة الانفجار جعلت الجميع يطير ويقع في مكان أبعد مما كانوا فيه".
حقائب العروس وجهازها طارا من مكانهما، "الجيران وجدوا حقيبة في الشارع، صدمة قوية لحقت بجميع من كان موجودًا فكلهم لا يعرفون ماذا حصل، وحتى الآن ليس من السهل تقبل ما حصل".
تستدرك أم رامي: "كان الجميع سعيدًا وأجواء الفرحة بتعليق جهاز عروس ابني تتم على خير ما يرام، وكنت قد توجهت إلى المطبخ لأعد مزيدا من القهوة للضيوف. كان في المنزل ما لا يقل عن 30 فرداً فأولادي الستة موجودون مع زوجاتهم وأبنائهم، وبنتاي مع زوجيهما وأولادهما، إضافة إلى الأقارب والمعارف".
وتضيف في حديثها لـ:" فلسطين": "وفي وقت تعليق جهاز العروس فوجئ الجميع بانفجارات تحدث في كل مكان وحالة من الصراخ والصدمة اعتلت وجوه من كان موجوداً في المنزل لم يكن من السهل إدراك ما يحصل".
وتردف: "ثوانٍ وكانت حالة من الهرج والمرج تسود المنزل، الدخان في كل مكان وكل من يجد فرصة للهرب خرج منه، ذكرني أحد أبنائي بالأموال التي احتفظ بها لسداد ديون الفرح فأخذتها ولكن مع ما حصل معي من تشتت وعدم تركيز ضاعت مني".
تشير أم رامي إلى بقايا أثاث كان مجهزًا للعروس: "هذه غرفة الضيوف، هذه غرفة النوم، كل شيء تدمر وانخرب بيت ابني"، في إشارة إلى التكاليف التي تكبدها الشاب استعدادًا لفرحه.
وتلفت أم رامي إلى أنها تعيش صدمة الدمار الذي لحق بمنزلها وصدمة ضياع أموال فرح ابنها التي قدرتها بـ4 آلاف دولار والتي كانت ستذهب إيجاراً لصالة الفرح، وثمناً للملابس المستأجرة، إضافة إلى مصاريف حفلة الشباب وغيرها، مشيرةً إلى أن شباب العائلة حاولوا التخفيف عن عائلتها فنظفوا المكان وحاولوا تنظيمه قدر الإمكان إلا أن آثار الدمار ما تزال واضحة.
تتساءل السيدة بتأثر: "كيف يتم استهداف منطقة سكنية دون تحذير مسبق؟ كيف يعرضون حياة المدنيين بهذه الطريقة اللاإنسانية للخطر؟".
وهذه هي المرة الثانية التي يتعرض فيها منزل عائلة أبو غنيمة للدمار، كما تخبر أم رامي، فقبل ثلاثة أعوام لحق بالمنزل دمار مماثل عندما تم قصف بناية قريبة منه.