لماذا يا أخي؟ أمن المعقول أن يصل عقل فلسطيني إلى مثل هذا المستوى من الجريمة؟ كيف استوعب قلبك ذلك وكيف انتظمت مشاعرك على أن تجيز لك أن تقذف بالموت على أخيك؟ كيف طوّعت لك نفسك أن تبسط يدك لتقتلني وأن تكرّر فعلة قابيل الشنيعة؟ ألا تراني وأنا لا أبسط يدي لقتلك بل لنجاتك وعونك وصون كرامتك؟ ألم تسمع وتعرف ما لم يقله لك من بعثك لقتلي؟ ألم تسمع بأنّي دومًا باسط يدي وعقلي وقلبي وكلّ وقتي وجهدي وعلمي لوحدة شعبك ونصرة قيم الحق والعدل وعامل لوحدة الصف وداعٍ إلى الله وإلى كل ما تمثله كلمة الله لتكون هي العليا وتكون كلمة الشيطان والاحتلال هي السفلى؟
أيها المصوّب فوّهة مدفعك القاتل، ألم تجد في الأعداء عدوًّا لك سواي؟ كيف خلطوا في رأسك معسكر الأعداء مع معسكر الأصدقاء؟ كيف لعينيك الفلسطينيتين ألا تريا في الاحتلال عدوًّا، ورأتا في عميد كليّة الشريعة في جامعة النجاح عدوًّا؟ ماذا قالوا لك وكيف صدّقتهم فيما قالوا؟ كيف وضعت عصبة سوداء على عينيك ولم تنظر في ماضي وحاضر من تصوّب نارك نحوه؟ كم هي كميّة الحقد التي أرسوا قواعدها في قلبك ليكون أسود حالكًا بهذا الشكل الذي لا ترى فيه إلا ما يريدون لك أن تراه؟ ثم ذاك الذي يقف خلفك أو من يقف خلفه هل بالفعل في رأسه عقل فلسطيني ويجيز لنفسه أن يرتكب هذه الجريمة؟
أيها القادم لقتلي والقاذف حمم الحقد والموت وقتل الحياة ممن يبعثون في الناس الحياة، كيف جبل قلبك على هذا؟ كم هو حجم الحقد والكراهية التي حشروها في قلبك كي لا ترى إلا من خرم إبرة حشروا فيها بصرك وبصيرتك وأرادوا لك ألا تعمل عقلك ولا ترى عيناك إلا من خلالها؟ كيف انطلت عليك أقاويلهم السوداء ورضيت لنفسك هذا الدور المجرم اللئيم الذي يحرف البوصلة ويدمّر النفس الطيّبة من أعماقك التي كانت في يوم من الأيام جميلة؟
كيف تنظر لنفسك اليوم في المرآة؟ كيف تراها وقد فعلتك فعلتك المشينة؟ هل ترى نفسك مثل أبطال غزّة وجنين، مثل أبطال كتائب القسّام وشهداء الأقصى؟ هل ستروي ما فعلت في يوم من الأيام لأبنائك وأحفادك بأنك كنت بطلًا تطلق النار على أبناء شعبك وعلمائهم وقادتهم الوحدويين الذين كانوا دعاة وحدة ورباط وقوّة ودين، الذين كانوا على خط الدفاع والاشتباك مع المحتلّ اللعين؟ كيف ترى نفسك لو كان من صلبك من دخل جامعة النجاح وتعلم في كليّة الشريعة ونهل من علم ناصر الدين الشاعر ثم قيل له إن هذا العالم قد تعرّض إلى جريمة نكراء من قبل شرذمة رمت بأحقادها عليه، ثم عرفت أن أباك كان من هؤلاء، كيف ينظر إليك حينها وأين تذهب بنفسك من نظراته؟ ثم تعلّم شرح الحديث القدسي: "من عادى لي وليًّّا فقد آذنته بالحرب".
أيها المصوّب سلاحك أنا أؤمن بأن هناك بقايا ضمير وإيمان وأنّك لم تتجرّد منها تمامًا؟ لم يبلغ الخراب كلّ مداه، فيك خير أين ستهرب منه عندما يتحرّك وقرّر مواجهة الشرّ في صدرك، ستدخل معركة مع نفسك وهذه المعركة التي لن تكون قادرًا على الفرار منها، لذلك أصبح قابيل من النادمين وعجز أن يكون حتى مثل الغراب، ستعيش بقيّة حياتك غرابًا وستموت غرابًا وما بعد ذلك يجتمع الخصوم في محكمة الإله العظيم العادلة، إني والله لأشفق عليك من هذا المصير ولكني لن أشفق على من بعثك واشتغل على غسل دماغك أبدًا.
ولأن حبيبنا ودكتورنا وشيخنا صاحب نفس عزيزة فإن مما لا يقوله أيضا: أن يطلب من ناسه وأحبابه (وهم الكلّ الوطني الفلسطيني والعربي والإسلامي لأنه يمثّل قيم هذه الأمّة العظيمة)، أن نقسم جميعًا على ألا تمرّ هذه الجريمة النكراء مرور الكرام، وإنما سنعمل بكل جهدنا على أن تكون نقطة تحوّل لمعاقبة كل مجرم (بالقانون والعرف الفلسطيني) وألا يفلت منهم أحد أبدًا وأن نفعّل كل جهدنا لوضع حدّ للفلتان الأمني والانقسام وكل ما يضرب الوحدة الفلسطينية والنسيج المجتمعي المقاوم والمرابط لتكون البوصلة الفلسطينية بالاتجاه المعروف الذي لا تحيد عنه أبدًا بإذن الله.