إن دخول الفرحة آلاف البيوت الفلسطينية بعد إعلان نتائج الثانوية العامة بشكل موحد بين شطري الوطن يثبت من جديد أن الشعب الفلسطيني وعلى الرغم مما يعانيه من احتلال غاشم لا يرحم طفلاً أو امرأة أو رجلاً، ولا يرفق بطير أو حيوان، ويبطش بآلياته جميع سبل الحياة من بيوت ومزارع وكروم وبيارات، ويفرض حصارًا ظالمًا يطال الدواء والطعام، لهو شعب قادر على الحياة بل ويستطيع أن يصنع الأمل من وسط الموت والدمار، ويسطر معالم النجاح في مختلف الميادين.
وعلى الرغم من هذا المشهد الصعب، يقول طلبتنا اليوم كلمتهم، ويحصلون على نتائج مميزة، بل ويتفوقون بجدارة عندما يسجلون نتائج أعلى من الدول المحيطة بنا والمتوفر عندهم البيئة التعليمية المحروم منها طلبتنا.
وهنا لا بد من توجيه كلمة لأولي الأمر والمسئولين عامة عن طلبتنا ومستقبل الشباب الناجح في الثانوية العامة، ومن خلال تجاربنا السابقة حيث رأينا العديد من الطلبة المتفوقين في الثانوية العامة، والذين تبخرت أحلامهم بالالتحاق بالجامعات واختيار الكليات التي يرغبون بالدراسة فيها بسبب الحالة المادية الصعبة لذويهم، وعدم تمكنهم من دفع أقساط التعليم في الجامعات، فلماذا لا نصل إلى مجانية التعليم كسائر دول العالم، ولماذا لا تتبنى حكوماتنا الجامعات والكليات بحيث يحق لكل مواطن مؤهل الالتحاق بالجامعة دون الخوف من هاجس الرسوم الجامعية المتزايدة في ظل أوضاع اقتصادية ومعيشية تزداد صعوبة وتعقيدًا بسبب الاحتلال الظالم.
إن المطالبة بمجانية التعليم الجامعي هي خير رسالة يمكن أن نوجهها إلى المحتل الذي يسعى حثيثًا إلى حرمان أبنائنا من التعليم والوصول إلى مجتمع جاهل يسهل عليه اقتياده.
وإن أفضل استثمار لنا كشعب فلسطيني هو الاستثمار في الإنسان الذي هو رأسمالنا الحقيقي، والذي يمكن من خلاله أن نصل إلى ما نريد ونحقق أحلامنا.