وضع نصب عينيه تحقيق معدلٍ مرتفع لم يُفصح عنه للمقربين منه، حتى والدته، شريكته في كل لحظة من التخطيط للدراسة منذ بدء الإجازة الصيفية للصف الثاني الثانوي، لكن أسرته عولت دائمًا على تفوقه الذي عهدته عليه طوال حياته الدراسية، فهو مثابرٌ ومجتهد.
وعلى الرغم من يقينه بأنه قد فعل كل ما في وسعه، وسيحرز المعدل الذي يتمناه، فإن تخوفه من حدوث أي مفاجآت غير سارة جعله يتحفظ على ما يتوقعه من معدل.
مرت الدقائق بطيئة قبيل إعلان النتائج، ممزوجة بالقلق والخوف، إلى أن قطعها المتحدث في المؤتمر الصحفي باسم وزارة التربية والتعليم بإعلان اسمه الخامس مكرر في الفرع العلمي على مستوى الوطن بمعدل (99.6%).
دخلت عائلة الطالب حسام سعيد سكر في حالة من الفرح العارم، ولا سيما أنه قد أدخل الفرحة على قلوب مَنْ تعب لأجلهم "والديْه"، اللذيْن دعماه منذ بداية العام الدراسي، فأمه هي "المهندسة" لكل جداوله الدراسية، ترتب معه مواعيده، وتحرص على تذكيره بها.
أما والده فقد كان حريصاً كل الحرص على توفير كل أنواع الراحة النفسية، ليمضي في عامه الدراسي متوكلاً على الله، مستغلاً كل يوم، محاسبًا نفسه في نهايته ليعرف ما إذا كان قد أدى المطلوب منه، فإنْ لمس تقصيراً حرص على تعويضه في اليوم التالي.
وعلى الرغم من أن العائلة خصصت طابقاً كاملاً لـ"حسام" ليدرس فيه، إدراكًا منها لحاجته للتركيز في المواد العلمية فإنه كان يُفضل الجلوس بين عائلته رغم الضوضاء من حوله ليدرس بعض مسائل الرياضيات حيث كان يشعر بالراحة النفسية في وسطهم.
الدعم الكبير الذي استمده حسام من والدته المدرسة في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين، صفاء سكر، مرده إيمانها بقدراته وتفوقه منذ بداية مسيرته الدراسية ما دفعها للوقوف بجانبه ودعمه لتحقيق حلمه، "فهو مثابر كان يصل الليل بالنهار لتحقيق ما يصبو إليه، خاصة أن مدرسيه كانوا يضعون ثقتهم فيه بأنه سيكون من أوائل الوطن"، تقول الأم.
وتشير إلى أن أنها رغم انشغالها بوظيفتها المدرسية فإنها كانت على ثقة بأن حسام سيؤدي كل ما عليه من مهام دراسية، مواظباً على صلواته وقيام الليل وورده اليومي من القرآن.
ولم تسع الفرحة قلوب عائلة سكر التي امتلأت جنبات منزلها بالمهنئين، لتشارك والديْ "حسام" فرحة تفوق ابنهما البكر.
تضيف الأم: "كان حلمي أن أدرس الطب ومنذ أن لاحظتُ تفوق حسام وأنا أرغب في أن يحقق معدلاً يمكنه من دراسة هذا التخصص".
وتستدرك قائلة: "الحمد لله حقق معدلاً يمكنه من الالتحاق بأي تخصص يريده، ورغم رغبة العائلة بأن يدرس الطب لكننا لن نضغط عليه، وسنتركه يختار التخصص الذي يحبه، فقد اجتهد طوال اثنتي عشرة سنة من عمره، ومن حقه أن يكمل في الطريق الذي يرغبه".
وتقدم سكر للمقبلين على الثانوية العامة بما عدها "روشتة النجاح" تتمثل في التوكل على الله، ثم الجد والاجتهاد، وأهمها أن يكون لدى الطالب دافع ذاتي للتفوق، وأن يضع أمام عينيه معدلاً يصبو لتحقيقه، ومن ثمّ أن يكون هناك نوع من الصراحة بينه وبين أهله ومعلميه، ويحدثهم عما يضايقه، وما يصعب عليه، وفي النهاية "كل واحد بتعب حيلاقي".