عدَّ مراقبون ما ورد في تقرير مراقب دولة الاحتلال الإسرائيلي، أمس، وكشفه عن قصور خطير في أجهزة أمن الاحتلال خلال معركة سيف القدس "إنجاز جديد يضاف للمقاومة الفلسطينية".
وخلال المعركة التي اندلعت بين المقاومة بغزة وجيش الاحتلال، في مايو/ أيار 2021، وامتدت 11 يومًا، رافقها ما أصبح يعرف بهبة الكرامة، التي خاضها الفلسطينيون في الداخل المحتل منذ نكبة 1948، ضد معسكرات الاحتلال.
واستطاع فلسطينيو الـ 48 التعبير عن غضبهم من انتهاكات الاحتلال في مشهد لم يتكرر منذ سنوات طويلة تزامنًا ومحاولات قوات الاحتلال تهجير أهالي حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، لإحلال المستوطنين مكانهم وتغيير الواقع الديموغرافي في المدينة.
ويشير تقرير "مراقب الدولة" إلى أوجه قصور وصفها بالخطيرة في عمل جهاز شرطة الاحتلال في مدن الداخل الفلسطيني المحتل خلال قمعها هبة الكرامة.
وجاء في التقرير أن المواجهات في المدن المختلطة تسببت بمقتل 3 إسرائيليين وإصابة المئات من بينهم 300 عنصر شرطة ضمن 520 بؤرة مواجهات اشترك فيها نحو 6 آلاف فلسطيني من الداخل، كما جرى اعتقال 3200 شخص، 240 منهم من اليهود.
وأوضحت صحيفة "هآرتس" نقلاً عن التقرير؛ أنه تمَّ اكتشاف ثغرات في تقسيم المسؤوليات بين شرطة الاحتلال و"الشاباك"، فيما يتعلق بالاستخبارات في مجال النظام العام وفي المواجهات؛ ما ساهم في إيجاد فجوات استخباراتية كبيرة انعكست في التعامل مع الأحداث.
يؤرق الاحتلال
وأكد المحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي ساري عرابي، أن الوجود الفلسطيني في الداخل المحتل بشكل عام وليس في المدن المختلطة فحسب، يشكل أرقًا كبيرًا للاحتلال بسبب تصاعد الحالة المعنوية والتعبوية الوطنية لديهم.
وتجلى ذلك، بحسب قول عرابي لصحيفة "فلسطين"، خلال معركة سيف القدس السنة الماضية، وما شهده مارس/ آذار 2022، من عمليات فردية أودت بحياة عدد من المستوطنين والجنود الإسرائيليين، في بئر السبع و"الخضيرة" وغيرها.
ونبَّه إلى أن هذه الأحداث تشكل قلقًا أمنيًا كبيرًا لدى الاحتلال الإسرائيلي علاوة على القلق الذي ينتابه من أي مواجهة عسكرية واسعة مع المقاومة في غزة أو جبهات متعددة وتحديدًا من جهات محيطة بفلسطين، أو ما قد يشهده الداخل المحتل من هبة عامة في غزة والضفة والقدس وينخرط معها أهالي الداخل.
وأضاف: أن طبيعة كيان الاحتلال صغير جغرافيًا ويفتقد للعمق الاستراتيجي، ولا يمكنه أن يوزع أذرعه وأجهزته الأمنية على جميع المناطق في الداخل المحتل وبكفاءة، وبالتالي انخراط أهالينا في الداخل في أي نمط من أنماط العمل الوطني والمقاوم يشكل ثغرة كبيرة لدى (إسرائيل).
وأشار إلى محاولات إسرائيلية لإشغال أهالي الداخل المحتل في انتخابات "الكنيست"، بهدف إقناعهم أنه السقف الوحيد المتاح للفلسطينيين في الأراضي المحتلة للنضال من أجل اكتساب حقوقهم، لكنه فعليًا سيكون نضالاً داخل المسار الإسرائيلي، وليس داخل المسار الوطني الفلسطيني.
كما نبَّه إلى محاولات التذويب الاقتصادي التي يمارسها الاحتلال ضد المواطنين الفلسطينيين، بتحويل قضاياهم إلى مجتمعية وبنى تحتية واقتصادية، بهدف تجريدهم من الحس الوطني، وفك ارتباطهم بالقضية الوطنية مع بقية الفلسطينيين داخل البلاد وفي الشتات.
بدوره، أكد المختص بالشؤون الأمنية محمد لافي، أن تفكير أجهزة أمن الاحتلال ولا سيما الأمن الداخلي "الشاباك"، يسعى جاهدًا إلى استهداف بنية المجتمع العربي الذي يشكل تهديدًا ديموغرافيًا على شكل تجمعات فلسطينية ما زالت تحافظ على هويتها.
وبيَّن لافي في تصريح لـ "فلسطين"، أن هبة الكرامة أثبتت بجدارة أن الاحتلال لم ينجح في إذابة الهوية الفلسطينية، ولم يستطع إدماج المواطنين في المجتمع اليهودي.
وذكر أن سلطات الاحتلال معنية بتوفير الأسلحة بين المواطنين الفلسطينيين في الداخل، وتغض شرطة الاحتلال النظر عما يحدث من خلافات بينهم لتأجيج الفتنة بينهم، مع العلم أنها قادرة على متابعة مرتكبي جرائم القتل.
وشدَّد على أهمية وحدة المجتمع العربي والفلسطيني في الداخل المحتل، مقترحًا تشكيل فرق تطوع أمنية معلوماتية داخل المجتمعات العربية مهمتها متابعة الجرائم التي ترتكب بحقهم والكشف عمن يقف وراءها.