تصاعدت في الأيام الأخيرة، وتيرة تهديدات الاحتلال الإسرائيلي باستهداف المقاومة في الضفة الغربية، وخاصة مدينتي نابلس وجنين شمالاً.
وأثارت هذه التهديدات تساؤلات عن مدى جديتها، أم أنها مرتبطة بمشاكل الاحتلال الداخلية، ومزايداته الانتخابية.
يرى المتابع للشأن الإسرائيلي، عزام أبو العدس، أن "حديث الاحتلال عن تصعيد الاستهداف للمقاومين في مدينتي نابلس وجنين سيبقى على شكله الحالي، من خلال عمليات اغتيال او اعتقال سريعة".
وقال أبو العدس لـ"قدس برس" إن الاحتلال سيظل "بعيدًا عن أي اجتياحات أو عمليات واسعة، من شأنها إيقاع الضحايا، ما سيترتب عليه إضرارٌ بموقف السلطة التي ما زالت تتمسك بالتنسيق الأمني".
دعاية انتخابية
واعتبر أبو العدس أن "الاحتلال بات يتعامل مع أي عملية قتل أو اعتقال في الضفة الغربية، على أنها إنجاز وجزء من الدعاية الانتخابية والتباهي أمام المجتمع الإسرائيلي".
وبيّن أن "التهديدات موجهة للرأي (العام) الإسرائيلي أكثر من الفلسطيني، ويتم تضخيمها في إعلام الاحتلال، بغية الحصول على أوراق إضافية في المناورات أو المناوشات السياسية الداخلية، التي يمكن أن تسبق أي انتخابات قادمة".
وأكد أبو العدس أن "(إسرائيل) تتعامل مع ملف التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال على أنه استراتيجي، وتعتبره أكبر مكسب لها، كضامن لمنع أي تدهور للأوضاع الأمنية، لا سيما أمام عجزه عن التصدي لمظاهر المقاومة في الضفة الغربية".
اشتداد جبهة المقاومة
من جهته؛ رأى الكاتب والمحلل السياسي، علاء الريماوي، أن "التلويح بحملة عسكرية في منطقة شمال الضفة الغربية، ونابلس بالتحديد، هي نتيجة شعور الاحتلال بالخوف والعجز أمام اشتداد جبهة المقاومة في المنطقة".
وأوضح الريماوي لـ"قدس برس" أن ما يؤكد كلامه هو "اضطرار جيش الاحتلال إلى إلغاء وتأجيل اقتحام المستوطنين منطقة قبر يوسف، والتي كانت مقررة الثلاثاء الفائت"، مرجعًا ذلك إلى "خشيته أن يكون هناك إضرار مباشر بالأرواح في صفوف الجنود والمستوطنين".
ونوّه إلى أن "الاحتلال يعيش الرعب من تحول المقاومة في مدينة نابلس إلى ظاهرة، على شاكلة ما يجري في مدينة جنين ومخيمها".
واستدرك: "إلا أن خشيته تتعاظم نتيجة وجود نقاط احتكاك كثيرة يمكن أن تكون تحت مرمى المقاومين، نظرًا للطبيعة الجغرافية لنابلس، وكثرة المستوطنات في محيطها".
وأشار الريماوي إلى أن "حكومة الاحتلال ترى أن تنامي ظاهرة المطلوبين والمطاردين لها في مدينة نابلس فشل ذريع للمؤسسة الأمنية، وإخفاق جديد لها، لا سيما في ظل وجود التنسيق الأمني مع السلطة".
ورفض الربط بين أي تهديدات للاحتلال باستهداف المقاومة، وبين محاولات التهرب من مشاكله الداخلية وممارسة الدعاية الانتخابية، كون الاحتلال يمارس الإرهاب والقتل بحق أبناء الشعب الفلسطيني بمناسبة وبدون مناسبة، ومن منطلق إجرامي عنصري احتلالي.
التنسيق الأمني
وتطرق الريماوي إلى "حجم التنسيق الأمني بين الاحتلال والسلطة، ومدى تعويل الأول عليه في أي عمليات قادمة في الضفة الغربية"، مؤكدًا أن "الاحتلال يعتمد بشكل كبير على ذلك في تحديد أهدافه وجمع معلوماته".
وذكر أن "السلطة تحافظ على التنسيق وتمارسه استراتيجيًا، وليس تكتيكًا، كضامن لاستمرار الدعم المالي، وتخشى باستمرار أن تسقط هذه الورقة، ويصبح مشروعها في مهب الريح" على حد وصفه.
وشدد الريماوي على أن "السلطة تقدس التنسيق، ولا تضع أمامه أية مضامين أو قيود أو حدود، فهو في جميع المدن، ويأخذ بُعدًا خطيرًا تُصدِّقه تصريحات (وزير الحرب في حكومة الاحتلال بيني غانتس) الأخيرة، التي أكد فيها تشبثه بالتنسيق الأمني مع السلطة" وفق قوله.
يذكر أن غانتس التقى برئيس السلطة محمود عباس برام الله في 7 تموز/يوليو الجاري، لمناقشة التنسيق الأمني، وذلك قبل زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى دولة الاحتلال، وأراضي السلطة.
وشهدت مدينتا جنين ونابلس، شمال الضفة الغربية، خلال الأشهر الأخيرة، تصاعدًا ملحوظًا في العمليات الفدائية ضد جنود الاحتلال.
وأعلنت المقاومة، في بيانات عديدة، أنها استهدفت قوات الاحتلال خلال اقتحامها المدينتين، وعند تمركزها في مواقع عسكرية قريبة.
وارتفعت وتيرة العمليات المقاومة للاحتلال في الضفة الغربية والقدس المحتلتين خلال شهر حزيران/ يونيو الماضي، حيث وثق مركز معلومات فلسطين "معطى" في تقرير، 649 عملاً مقاومًا في الضفة، أسفرت عن إصابة 26 جنديًا ومستوطنًا، بعضهم جراحه خطرة.