فلسطين أون لاين

بالصور طرف.. عرض حكواتي لسيدات يقفزن على خشبة المسرح

...
جانب من مسرحية طرف
غزة/ هدى الدلو:

في تجربة جديدة للتعافي من أوجاع الحرب عبر الفن المسرحي، وقفت ثمان شابات على خشبة المسرح لتروي كل واحدة منهن قصتها مع البتر والتحدي الذي يواجهها في تركيب طرف صناعي وتقبل المجتمع لها.

وتناول العرض الحكواتي "طرف" قصص حقيقية لفتيات فقدن أطرافهن لأسباب مختلفة، فمنهن من كان الإهمال الطبي سببًا لمعاناتها، أو أفقدتها الحرب جزءًا من جسدها في إثر انهيار المنزل عليها، أو ولدت بإعاقة، أو حادث سير، لتختتم تلك القصص بحكاية فتاة مقبلة على الزواج يتخلى خطيبها عنها نتيجة فقدانها طرفها في حادث.

فقدت فاطمة الحلولي (40 عامًا) ساقها بسبب إعاقة ولدت بها وكانت سببًا للبتر. بارتجال وقفت على باب على خشبة المسرح لتتحدث أمام الجمهور عن نقاط القوة والضعف، وإنجازاتها في الحياة، والمشاكل التي واجهتها بسبب الإعاقة.

مسرحية طرف (3).jpg
 

وحاولت فاطمة رواية حكايتها بطريقة درامية، لتؤكد أن الإعاقة ليست نهاية المطاف، وأن الإنسان يجب أن يعيش حياته ويبحث عن قدراته ونقاط قوته.

في حين تصف نجاة البريم التي فقدت ساقها نتيجة خطأ طبي، المسرح بأنه شيء فريد من نوعه، "فعند وقوفي على خشبته شعرت بهيبة الأمر لدرجة أن قلبي كاد أن يتوقف من شدة النبض".

وتقول السيدة الخمسينية: "لامست تأثير المسرح على حياتي حتى في علاقتي مع زوجي وبناتي، كنت عصبية لدرجة لا أتحمل الحديث مع أحد، مع المسرح بدأت حياتي تتغير، بعد أن كنت أتأثر بكلام الناس وابتعادي عنهم، وخجلي من الظهور أمامهم دون طرف".

وتشير "نجاة" إلى أن المسرح غير حياتها لتصبح أكثر عزيمة وإصرار وزاد من ثقتها بنفسها، وعدم تأثرها بحديث من حولها، بالإضافة إلى همتها العالية.

شفاء الجروح

العرض المسرحي "طرف" كتبته وأخرجته منال بركات وعلا سالم، ونُفذ في إطار برنامج "شفاء الجروح" الذي تقوم عليه اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتعاون مع مركز الأطراف الصناعية، وجمعية مسرح بذور للثقافة والفنون.

مسرحية طرف (1).jpeg
 

وتتحدث بركات التي تشغل وظيفة المدير الفني في جمعية مسرح "بذور" أن الهدف من المشروع هو تحسين الرفاه والمرونة النفسية للأشخاص ذوي البتر عبر الفن المسرحي، باعتبار أن هذه الفئات هي الأكثر تهميشًا في المجتمع الفلسطيني، وخاصة أن أعدادهم في ازدياد نتيجة استمرار العدوان الإسرائيلي، والظروف السياسية غير المستقرة.

وتعد مسرحية "طرف" محاولة تجريبية لاستخدام منهجية وأسلوب جديد بالاعتماد على السرد القصصي والحكاية كوسيلة لعلاج الناجين من العنف بكل أشكاله وخاصة السياسي.

وتشير بركات إلى أن عنوان المسرحية "طرف" مفهوم واسع قد يكون طرف مشكلة، أو طرف قصة، أو طرف الحديث، أو طرف المدينة، ولكن الموضوع يركز على مدى قوة النساء من ذوي البتر وأنهن قادرات على إحداث تغيير في أنفسهم، وعلى من حولهم رغم الإعاقة والبتر.

وقد عرضت الثمان مشاركات تجاربهن اللواتي تعرضن لها وتحدثن عن الأسباب التي أدت بهن إلى البتر الذي كان متنوعًا فمنهن من بترت قدمها فوق الركبة أو تحتها.

مصنع الخياطة

وخلال العرض المسرحي اعتمدت بركات برفقة زميلاتها المخرجة سالم على أسلوب العرض الحكواتي، أي رواية القصة والمشاركات يجتمعن في مكان وهو مصنع الخياطة المليء بالحياة والألوان والأقرب إلى تجاربهن الطبية في وخز الإبر وتخييط الجروح.

وخلال عملهن بالقص والتزيين والألوان يتجاذبن أطراف الحديث والقصص الشخصية لهن، وفي نهاية العرض يقررن تطوير المشغل إلى مكان لصناعة أطرافهن الصناعية لمن فقد طرفه في المجتمع، وذلك إيمانًا منهن بقوتهن وأهمية إيصال أصواتهن للجميع.

مسرحية طرف (2).jpeg
 

وتلفت إلى أن المشاركات في العرض من أجيال مختلفة جيل الأمهات والجدات وجيل الشابات والفتيات، وكانت هي المرة الأولى لسيدات من ذوي البتر يقفزن على الخشبة ويمثلن أوجاعهن وقصصهن واحلامهن.

وتوضح بركات أن مسرحية "طرف" تسعى لتحقيق الدمج المجتمعي لأشخاص ذوي البتر، وإعلاء أصواتهم وتسليط الضوء عليهم لزيادة وتحسين الخدمات والتعامل مع احتياجات تلك الفئة، بالإضافة إلى المساهمة في رفع حساسية المجتمع تجاه هذا الفئة ودمجهم بالمسرح والفن والدراما لإعطائهم مساحة آمنة للتعبير والتفريغ والمشاركة المجتمعية الفعالة.