"تمكنت أجهزة الأمن الفلسطيني في نابلس من توقيف بعض المشتبه بهم في حادثتي إطلاق النار على الدكتور ناصر الشاعر، وعلى محمود حجاب وعائلته"، هذا التصريح جاء على لسان اللواء طلال دويكات، المتحدث باسم الأجهزة الأمنية، وقد أضاف أن التحقيقات جارية، وأن عملنا الأمني لن يكون موسميًّا، بل سيبقى مستمرًّا للقضاء على مظاهر الفلتان والفوضى، حفاظا على السلم الأهلي!
تصريح اللواء دويكات فيه ما يشير إلى إدراك قيادة السلطة خطورة ما جرى في الاعتداء على الدكتور ناصر الشاعر، وعلى غيره أيضًا، وأن خطورته تكمن في تشكل حالة فوضى سلاح، وفلتان أمني، ونزاع، يهدد الاستقرار في الضفة، ويمزق السلم المجتمعي.
كل المعطيات الرقمية وغير الرقمية تشير لظاهرة تزايد انتشار السلاح في نابلس وغيرها من المدن، وهذا السلاح بعضه في يد زعران تنتسب كل شلة منهم لقيادي متنفذ في السلطة، أو في فتح. مظاهر استخدام هذا السلاح الذي هو بعشرات الآلاف عديدة، منها ما حدث في جامعة النجاح في منتصف يونيو الماضي ضد أبناء الكتلة الإسلامية، ومن مظاهره الإسراف في إطلاق النار في الأعراس والجنازات، وتهديد رجال أعمال وتجار، والاعتداء على عائلة حجاب.
إن استفحال ظاهرة استخدام السلاح في النزاعات الداخلية، واستفحال ظاهرة البلطجة، والقفز عن القانون، وتراجع العدالة، وتغميض أجهزة الأمن أعينها عن بعض قادة الشلل، يهدد بحسب ما قاله بعض الكتاب والمحللين بحدوث صراع داخلي بين شمال الضفة ووسطها، وبين الوسط والشمال والجنوب، تزكيه خطط إسرائيلية تعمل على تحطيم الاستقرار وتدفع بالمجتمع إلى أحضان الاحتلال طلبا للحماية والأمن، ومن ثمة إظهار فشل السلطة وتمثيلها للمواطن الفلسطيني على المستوى السياسي.
إن حديث ناصر الشاعر عن الوحدة الوطنية، وأن دمه فداء لهذه الوحدة، وأنه يدين أي ردة فعل محتملة، وحديث كل الفصائل التي استنكرت جريمة الاعتداء على ناصر عن تداعيات الجريمة على السلم الأهلي والوحدة الوطنية، هي أحاديث تدلّ على خطورة الظاهرة، وخطورة الاعتداء، وأنه يتجاوز خطره على ناصر، بل ويتجاوز حماس أيضًا. إن إلقاء القبض على مشتبهين يمكن أن يخفف من الاحتقان ودرجة الخطر، إذا ما تمت المحاسبة القانونية، وتحققت العدالة. ودون ذلك لا قيمة لما أعلن عنه اللواء دويكات أمس الثلاثاء. العدالة للجميع، والأمن لكل المواطنين، والقانون فوق كل زعران السلاح.