لأزمة الكهرباء في غزة تداعيات سلبية كثيرة، وقد أسميناها في مقال سابق (بأم المشاكل)؛ لأن المشاكل الصحية والبيئية العديدة هي نتاج أزمة الكهرباء. المواطن الغزي يعاني يوميًا معاناة شديدة من جراء تقليص الاحتلال لكمية الكهرباء التي تصل قطاع غزة.
لا يكاد يوجد بيت واحد في غزة إلا وطالته أزمة الكهرباء. الكهرباء سلعة أساسية، وهي كالخبز في عدم قدرة الإنسان أن يستغني عنها؛ لأنها تدخل في كل شؤون حياة الناس اليومية. في أيام الحر القاسية تشتد حاجة الناس للكهرباء والمياه، ومشكلة المياه ترتبط ارتباطًا مباشرًا بمشكلة الكهرباء.
البلديات في قطاع غزة لا تستطيع حل أزمات السكان، فالعين بصيرة، واليد قصيرة، وحكومة نتنياهو وحدها هي من تملك تحسين وضع الكهرباء، وتخفيف معاناة الناس.
لقد حذرت بلديات قطاع غزة السكان من السباحة في مياه البحر؛ لأنها ملوثة بكميات هائلة من المياه العادمة غير المعالجة. كثير من الأطفال الذين غامروا بالسباحة أصيبوا بالحساسية، وبحكة جلدية من جراء مياه البحر الملوثة.
أضرار المياه الملوثة وصلت لشواطئ غلاف غزة، وبحسب مواقع عبرية فإن خمسة رؤساء مجالس محلية بغلاف غزة بعثوا رسالة موحدة لنتنياهو وليبرمان طالبوا فيها بسرعة تدخلهم لحل أزمة تدفق مياه الصرف الصحي من غزة إلى الشواطئ الإسرائيلية.
وأوضحت المواقع العبرية أن مجالس البلديات قالوا في الرسالة: "نقف على حافة أزمة صحية لا تتقيد بحدود سياسية"، مبينة أن 90 ألف كوب مياه "مجاري" تدفقت مؤخرًا لشواطئ الاحتلال شمال القطاع بسبب تقليص كهرباء غزة.
الحل الوحيد أمام هذه المشكلة التي تخترق السياسة والحدود هو تحسين وضع الكهرباء التي تصل إلى قطاع غزة، والأمر سهل ويمكن معالجته من خلال إمداد غزة بكهرباء كافية، وخصم ثمنها من أموال المقاصة والضرائب التي تجبى من غزة لصالح السلطة.
إن تلوث مياه البحر بالمياه العادمة لا يمكن التغلب عليها، إلا من خلال معالجتها، ومعالجتها تحتاج إلى كهرباء، والتصرف بمقدار ما يصل غزة من كهرباء هو في يد حكومة تل أبيب.
إننا نناشد مجلس الأمن ودول المجتمع الدولي لأن تضغط على حكومة الاحتلال لكي تقوم الأخيرة بإمداد قطاع غزة بما يكفي من كهرباء، وأن تجعل من هذه السلعة الضرورية شيئًا فوق الصراع وفوق السياسة. ونطالب السلطة أن تتراجع عن قرار وقف دفع ثمن الكهرباء التي تصل إلى قطاع غزة. ويجدر بها أن تنظر إلى المشكلة من زاوية إنسانية ووطنية، لا من زاوية سياسية، فإن ربط الكهرباء بحماس وبالانقسام هو نوع من العقاب الجماعي لسكان القطاع جميعًا. جميع من يسكن قطاع غزة وهم حوالي (٢) مليون نسمة يتضررون من التداعيات السلبية لأزمة الكهرباء.