في 22/7، الذكرى الـ35 لاغتيال الفنان الفلسطيني المبدع ناجي العلي، أطلق القتلة أنفسهم النار على الدكتور ناصر الدين الشاعر، فهل كان حادث إطلاق النار على ناصر مع ذكرى اغتيال ناجي مصادفة؟ أم أن وراء إطلاق النار على ناصر الشاعر رسائل تحذير لم تصل لأصحابها منذ اغتيال ناجي العلي؟
المجرم في الحالتين واحدٌ، وإن اختلفت المواقع، وهدف التصفية واحد، وإن اختلفت النتائج، والواقع الفلسطيني لم يتقدم خطوة واحدة في اتجاه الديمقراطية وحرية الرأي، بل ازداد سوءًا وتقزمًا وتفرقًا، وبات أكثر أهلية ليفرز المزيد والمزيد من قتلة ناجي العلي، بهدف إخماد صوت المعارضة، وإسكات كل رأي لا يتوافق مع البرنامج السياسي الذي وصل بالشعب الفلسطيني إلى هذا المستوى من الحضيض.
ورغم إدانة محاولة الاغتيال، بحيث لم تبقَ مؤسسة أو تنظيم، أو جهة سياسية فلسطينية، وإلا أدانت حادث إطلاق النار، رغم كل هذه الإدانة، فإن المجرم الذي أطلق النار لم يأت من خارج الضفة الغربية، ولم يسقط من السماء، إنه مقيم وسط الناس، قد يلبس ثوب الوطنية حيناً، وقد يلبس ثوب التقوى أحياناً.
الذي أطلق النار على د. ناصر الدين الشاعر معروف، إنه أحد عملاء المخابرات الإسرائيلية التي تسعى فساداً على أرض الضفة الغربية، فلا يجرؤ على إطلاق النار باتجاه وزير سابق، ورجل يدعو إلى الوحدة الوطنية، وتربطه علاقة طيبة مع جميع القوى السياسية الفلسطينية؛ إلا من أخذ تعليماته من العدو الإسرائيلي، ولهدف كبير، ولهذا السبب، لن يتم العثور عليه، ولن يقدم لا للمحاكمة، ولا للمسائلة، فهو مطمئن، بعد ان أمنته المخابرات الإسرائيلية على مستقبله وحياته.
والذي أطلق النار على د. ناصر الدين الشاعر، لم يستهدفه لشخصه، ولا لاسمه، وإنما استهدف الحالة الفلسطينية برمتها، ويريد أن يجر الضفة الغربية إلى حالة من الفلتان الأمني، الذي بكت منه غزة قبل 16 سنة، حين كان المواطن الفلسطيني في غزة لا يأمن على نفسه، ويبيت خائفاً على ماله وعياله، سنوات من الفلتان أرعبت الآمنين في بيوتهم، وطمأنت الصهاينة المحتلين.
والذي أطلق النار على د. ناصر الشاعر ليس فرداً، وإنما مجموعة من الأشخاص، تقف من خلفهم قوة منظمة، أرعبها الحراك الوطني المقاوم للاحتلال في محافظة جنين ومخيمها، وفي محافظ نابلس ومخيماتها، فالجهة التي عجزت عن وأد المقاومة، وعجزت عن محاصرتها، وعجزت عن تصفيتها بالاقتحامات الإسرائيلية، هي الجهة صاحبة المصلحة في إرباك المشهد الفلسطيني المقاوم للاحتلال، وذلك من خلال الانفلات الأمني، الذي يهدف إلى تقسيم الضفة الغربية إلى مناطق جغرافية متباعدة، وإلى ولاءات تنظيمية متناحرة، وإلى انقسامات سياسية وعائلية، تغرق في تناحر داخلي، وتصفيات جسدية، لا تخدم إلا الاحتلال وأعوانه.
ملحوظة: المسؤول الناجح يحل المسائل المعقدة، والمسؤول الفاشل يعقد المسائل السهلة، واعلموا أن المفاصل الصلبة في الجسم لا تساعد على الحركة!