لم تكن فرحة المقدسيين بدخول المسجد الأقصى عابرة كغيرها من الأحداث اليومية، فرحة انتصارهم بعد أسبوعين من الصلاة أمام المسجد الأقصى تسجل في التاريخ بأن المقدسيين باتحادهم وإصرارهم وثباتهم استطاعوا الدخول للمسجد الأقصى كفرحة صلاح الدين عندما دخل الأقصى محرراً لها..
شعور لا يوصف
شعور لا يمكن وصفه أبداً ذاك الذي راود المقدسية زينة عمرو والتي لم تدخل المسجد الأقصى المبارك منذ عامين بسبب إبعادها عنه تقول عن فرحتها بدخوله: "كنا على يقين أنه سوف يتم إزالة البوابات الإلكترونية وسيكون لصمودنا وثباتنا ثمرة والحمد لله حدث ذلك، كنا نعمل على سياسة عض الأصابع من يثبت أكثر أمام جبروت الاحتلال".
وأضافت:" هذا الاحتلال يرتكب حماقات كثيرة ولكن عندما ننظر لها نرى بأنها تأتي دائماً لصالح القدس والمسجد الأقصى. إرادة المقدسيين فاجأت المحتل، كانت فرحة النصر عارمة وكبيرة".
وتابعت قولها: "حتى بعد إزالة البوابات ومحاولة الاحتلال لإغلاق باب حطة وإجبارنا على الدخول من باب الأسباط إلا أن اليد الواحدة والصمود في وجه الاحتلال حقق الشرط الذي فرضناه على الجيش الإسرائيلي".
العيد عيدان
وأكملت قولها: "الجميل في الأمر أن العيد كان عندنا عيدين، اليوم الأول عند دخول نصف المقدسيين للمسجد الأقصى واليوم الثاني عند فتح باب حطة ودخول الآلاف منه للصلاة في المسجد الأقصى والسجود شكراً لله".
وقالت: "شعور جميل جداً لا يمكن وصفه ونحن ندخل من أبواب المسجد الأقصى وكأننا نُجري بروفة لنصر قادم لجيوش الإسلام التي ستدخل المسجد الأقصى، كنت أتخيل فرحة أبناء الأمة الإسلامية الذين لم يدخلوا المسجد الأقصى طيلة حياتهم، وكان يدور في بالي سؤال هؤلاء المقدسيين الذي حرموا من الصلاة في الأقصى لأسبوعين فما بالك بالأمة العربية التي لم تدخل للمسجد الأقصى ولم تره طيلة حياتها".
ما زاد فرحة المقدسيين هو رؤية الغضب والغيظ في عيون جنود الاحتلال وهم لا يستطيعون فعل شيء للمقدسيين والأعداد تتهافت بالآلاف لدخول المسجد الأقصى.
وتابعت قولها: "رغم أن الاحتلال رفض إدخال بعض الحلويات للأقصى إلا أننا قلنا الأن نحن نأكل على عينك ونتحلى على عينك ونصلي على عينك رغم محاولاتك لإبعادنا عن المسجد الأقصى".
الارادة والقوة
ولم يختلف الشعور كثيراً عند المقدسية أم إيهاب الجلاد والتي كانت فرحتها لا توصف بعد دخولها للمسجد الأقصى، لتقول:" كان التكبير سيد الموقف أثناء دخولنا للأقصى، والفرحة الأكبر أن نبقى يدا واحدة مجتمعين لا نتفرق بعد هذا النصر العظيم، الأفواج التي كانت تأتي للصلاة في المسجد الأقصى كأننا في يوم العيد متحدين مجتمعين".
من أجمل الصور التي لا يمكن وصفها في يوم الانتصار هي فرحة الشباب بالنصر وخروجهم في السيارات وفتح الأناشيد بصوت عالٍ كأن فلسطين تحررت، هذا الشعور يثبت للاحتلال بأن المقدسيين انتصروا بإراداتهم ليس بشيء آخر.
وأضافت الجلاد: "أجمل شيء في هذا الانتصار أن من أصيب واستشهد في المسجد الأقصى لم يضع دمه هدرا، الثمن كان غاليا جداً والحمد لله حققنا هذا الانتصار، وزعت الحلويات والصفيحة على المصلين ورغم أن الاحتلال حاول منع دخول بعض الأشياء إلا أن فرحة دخول الأقصى هي الحلوان".
وعن شعورها لحظة فتح أبواب المسجد الأقصى قالت: " الشعور كأنني لم أرَ شخصا أحبه جداً منذ سنوات طويلة ثم التقيت به فجأة فكانت الفرحة والزغاريد والتهليل كأنه يوم عيد بالنسبة لي، لدرجة أن بعض المقدسيين سجدوا على التراب وقبلوه وناموا عليه كي يبقوا معطرين برائحة المسجد الأقصى".
وتابعت قولها: "الجميل أن بعض الشباب تراهم تحكم عليهم بمظهرهم لهم قصات شعر غريبة ولكن عندهم حب كبير للأقصى ووطنية كبيرة، أناس لم نرهم أبداً طيلة حياتنا كانوا يرابطون كمن رابط سنوات طويلة في الأقصى، كنا نرى الشباب غير الملتزمين في الصفوف الأولى الحمد لله على هذه الفرحة".
سجدة طويلة
أما شعور السبعيني طه شواهنة من بلدة سخنين قضاء عكا فكان مختلفا تماماً كيف لا وهو يومياً يقطع مسافة 200 كيلو متر ليصلي في المسجد الأقصى المبارك.
يقول شواهنة عن فرحة الانتصار: "منذ 4 سنوات حرمت من الدخول إلى المسجد الأقصى رغم أنني كنت من المرابطين، وكنت كل مرة أقطع مسافات طويلة جداً كي أصلي فيه ويمنعني الاحتلال، وفي الأحداث الأخيرة عندما أتيت قلب الشعور كان الاحتلال يتوسل لي كي أدخل من البوابات الإلكترونية لأصلي ولكن كنت أرفض تماماً".
وتابع قوله: "الأيام الأخيرة التي عشتها أمام المسجد الأقصى المبارك من أجمل أيام حياتي، التكافل الاجتماعي فيها لا يوصف، كانوا يقدمون لنا الضيافة والطعام حتى الماء كل ما تشتهيه الأنفس كان موجودا، كنت أعود إلى منزلي يومياً الساعة الواحدة فجراً".
وأضاف: "الأقصى انتصر بوحدة أبنائه لا بوحدة الأحزاب والحركات، كل من كان يحب الأقصى كان له دور في هذا الانتصار العظيم البعض كانوا متآمرين مع القيادة الأردنية والسلطة ولكننا رفضنا الدخول إلا خلف قيادة شريفة موحدة".
وتابع:" الحقيقة كان فتحا عُمريا جديدا كما دخل صلاح الدين الأيوبي فاتحاً للأقصى، العلماء دخلوا بنفس الشعور الكل بكى أصررنا على فتح باب حطة، كسرت الإرادة الصهيونية تحت صلابة رأي المرابطين والمرابطات".
شواهنة عندما دخل المسجد الأقصى سجد لله وبكى طويلاً في سجدته بعد اشتياق سنوات طويلة كان يتمنى فيها الدخول للمسجد الأقصى وجاء هذا الانتصار ليحقق حلمه في العودة إلى المكان الذي يعشقه.
وقال:" انتصار الأقصى درس للحكام العرب أننا بصدورنا العارية لا نملك سلاحا ولا رشاشات استطعنا الانتصار على الاحتلال الذي حاول قمعنا بشتى الأسلحة".