أكد اختصاصيون اقتصاديون ضرورة إجراء تعديلات جوهرية في اتفاق باريس الاقتصادي، مشيرين في الوقت ذاته إلى أن الاجتماع الاقتصادي المرتقب بين السلطة والاحتلال سيكون بمنزلة "ذر الرماد في العيون"، ولإيهام المجتمع الدولي والعربي بأن الاحتلال يقدم "تسهيلات اقتصادية" للفلسطينيين.
وذكر موقع (i24news) العبري، أنه من المقرر أن يلتقي وزير التعاون الإقليمي في دولة الاحتلال عيساوي فريج، خلال الأيام القادمة بوزير الاقتصاد بحكومة رام الله خالد العسيلي، من أجل ترتيب موعد رسمي لعقد القمة الاقتصادية "JEC"، بعد تعطل استمر أكثر من 13 عامًا على آخر لقاء مشابه".
وأضاف الموقع أنه "سيجري خلال اللقاء المرتقب البحث في ملفات من شأنها المساهمة بتعزيز اقتصاد السلطة الفلسطينية، من خلال إعطاء تأشيرات دخول للعمال الفلسطينيين، وتقديم تسهيلات في مجال التجارة عبر الحدود، إلى جانب قضايا اقتصادية أخرى".
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. بكر اشتية: "إن الاحتلال الإسرائيلي يهدف من عقد الاجتماع الاقتصادي المرتقب مع السلطة إلى إعادة تنظيم علاقة التبعية الاقتصادية بأسلوبه وليس بأسلوب الفلسطينيين، وعلى هذا إن كان الاجتماع لم يتطرق لتعديلات جوهرية في بروتوكول باريس الاقتصادي فلن يجدي نفعًا للفلسطينيين".
واستبعد الاختصاصي في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن يفضي الاجتماع إلى نتائج إيجابية لصالح الفلسطينيين، لأن الاحتلال سيتحدث بمنطق قوة في طرحه، في حين أن الفلسطينيين سيكون موقفهم ضعيف، لأنه لم يعد لديهم العمق العربي والإقليمي المساند، وباتت مطالبهم المطروحة هامشية وليست ذات عمق.
ودعا اشتية إلى تشكيل لجنة وطنية مشتركة توضح المطالب الفلسطينية المتعلقة بإجراء تعديل بروتوكول باريس الاقتصادي وقال: "لا يوجد وثيقة تبين مطالبنا في بروتوكول باريس الاقتصادي، إذ إنها أكاديمية أكثر من أنها رسمية وسياسية".
وأضاف: "حتى لو قمنا بصياغة مطالبنا، سنجد تضارب بين مطالب الحكومة والقطاع الخاص، لذلك لا بد من تشكيل لجنة وطنية للاتفاق على المطالب الفلسطينية الموحدة".
وعن المطالب التي تحتاج إلى تعديل في اتفاق باريس قال اشتية: "يجب إلغاء الغلاف الجمركي الموحد، واستبدال غلاف جمركي فلسطيني به يختلف عن الغلاف الجمركي الإسرائيلي، لأن ذلك سيراعي الفروق الاقتصادية في المجتمعين الإسرائيلي والفلسطيني، من حيث معدل الناتج المحلي ودخل الفرد، كما أنه يمنحنا مساحة أكبر لتوفير سياسة حمائية للمنتج الوطني".
كما يدعو اشتية إلى استقلالية ضريبة القيمة المضافة عن الاحتلال، مبينًا أن برتوكول باريس يربط الفلسطينيين والإسرائيليين بضريبة قيمة مضافة واحدة وإن كان يُعطى هامش تحرك (2%) للفلسطينيين.
وحث اشتية السلطة على أن يكون لها ممثلون في المعابر والحدود، لضبط الموارد المالية ووقف التهرب الضريبي، قائلًا: "لا بد أن يكون لنا ممثلون على المعابر والحدود للجباية المباشرة بدلًا من أن يقوم بذلك الاحتلال، إذ إن ذلك يساعدنا على تحصيل الضرائب وتخمين الواردات ومراقبة التهرب الضريبي، فهو يعطينا حرية في ضبط الموارد المالية ويجنب الخضوع للابتزاز الإسرائيلي في أموال المقاصة".
يشار إلى أن الملحق الاقتصادي JEC تم توقيعه ضمن اتفاقية أوسلو عام 1994، ويتمحور حول "عمل تحديث حصص الواردات الفلسطينية، ومواضيع رقابية أخرى".
دعاية
من جهته عد الاختصاصي الاقتصادي د. سمير الدقران الاجتماع الاقتصادي المرتقب، بأنه يدرج في إطار الدعاية التي تمارسها (تل أبيب) أمام الدول العربية المطبعة بأنها تقدم تسهيلات للفلسطينيين.
وذكر الدقران لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال ينظر إلى السلطة على أنها جهة إدارية للمناطق الفلسطينية وليست صاحبة نفوذ وسيادة، ومن ثم يفرض إملاءات وشروط تتواءم مع مصالحه ويتحكم في الحدود والمعابر.
وشدد الدقران على ضرورة أن يرفع الاحتلال سيطرته على الموارد الطبيعة في الضفة الغربية من أجل بناء اقتصاد قوي، وأن يُتاح للفلسطينيين حرية التصدير والاستيراد ولا سيما من العمق العربي.
تجدر الإشارة إلى أن السلطة سبق أن طالبت بتعديل (14) بندًا من بروتوكول باريس الاقتصادي لكن الاحتلال قابل ذلك بالرفض، وهذه المطالب تمحورت في إنشاء مناطق جمركية تخص الجانب الفلسطيني للتقليل من الاعتماد على الاحتلال الإسرائيلي في إيرادات المقاصة، ومد خط مباشر في نقل البترول ومشتقاته من الاحتلال للسلطة لتوفير أموال النقل.