في العادة، كان جمال عمرو _أكاديمي وباحث مقدسي_ يخرج في الصباح إلى عمله في جامعة بيرزيت، وتكاد عيناه لا تفارقان المسجد الأقصى، ذلك المكان الذي لا يبعد عن بيته سوى 500 متر فقط.
في المشهد الآخر، كانت زوجته زينة عمرو حريصة على التواجد صباح كل يوم في المسجد، للرباط فيه والقيام بمهام الإرشاد والتعليم.
كان الأقصى بالنسبة لهما جزءًا من حياتهما، وما زال، رغم قرار رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، منعهما من دخوله منذ ثلاث سنوات.
وبات الزوجان محرومين من أداء الصلاة في المسجد المبارك، بفعل القرار الإسرائيلي الذي وضعهما ضمن ما تسمى "القائمة السوداء" الممنوعة من الوصول له.
واكتفى الاثنان بالصلاة والرباط أمام أبواب الأقصى بعد القرار الذي حال دون وصولهما هناك "عقابًا" لهما على نصرتهما للمسجد المبارك والوقوف في وجه سياسات التهويد.
ليس ذلك فحسب، فلم يسلم الزوجان من مضايقات سلطات الاحتلال وقواته، حتى وصل الأمر إلى الاعتداء على زوجته، من قِبل شرطة الاحتلال.
وقال عمرو لـ"فلسطين" _وهو خبير في شؤون القدس_ : قام أحد عناصر شرطة الاحتلال بضرب زوجتي (زينة) بمسدس بوجهها وكسَّر أسنانها وفكها خلال مواجهات اندلعت آنذاك في محيط المسجد الأقصى.
وأضاف: "نتجت عن ذلك آلام حادة جدًا فاقت كل التوقعات، وخضعت لعدة عمليات ومراحل علاج في الأسنان ما زالت مستمرة".
كل هذا لم يحل دون مشاركتهما في فعاليات رفض إجراءات الاحتلال بحق المسجد الأقصى والتي كان آخرها وضع بوابات إلكترونية؛ كان لا سبيل أمام المصلين للوصول إلى المسجد المبارك، إلا بالمرور عبرها.
وفجرت هذه البوابات هبة جماهيرية امتدت أسبوعين على التوالي في الأراضي الفلسطينية، ارتقى خلالها شهداء وأصيب عدد آخر، وقُتل فيها 3 مستوطنين إسرائيليين.
وكان أبرز مشاهد الالتحام مع قوات الاحتلال، ما جرى في منطقة باب الأسباطـ، والذي يسميه عمرو "باب الأسود".
وقال: "الكل هناك هتف لبيك يا أقصى.. لبيك إسلام العروبة".
وتابع "كانت بعض المناكفات السياسية والاجتماعية والعشائرية بين المقدسيين، لكن عند باب الأسود ذابت كل الخلافات وأصبح الجميع عائلة واحدة في مواجهة الاحتلال".
ويؤمن عمرو، بأن المقدسيين انتصروا في معركتهم لأن الكبار والصغار كانوا على قلب رجل واحد.
وبين أن قوات الاحتلال لم ترحم الفلسطينيين أثناء المواجهات التي اندلعت في أماكن متفرقة، واستهدفتهم بأسلحة متعددة منها الرصاص وقنابل الغاز والمياه العادمة، فضلاً عن الاعتقالات والضرب.
وأشار إلى أن جميع المقدسيين اجتهدوا خلال الرباط أمام أبواب الأقصى، وتواجد هناك من يقدم الطعام، ويوزع الشراب ويوفر الدعم اللوجستي، وهذا عكس حالة التلاحم بين المقدسيين أمام ما يتعرض له المسجد الأقصى من انتهاكات.
واعتبر عمرو أن ما نفذته أجهزة حكومة الاحتلال مسبقًا في القدس المحتلة وما تحاول تنفيذه، ما هو إلا "تحضير لأم الجرائم" بتهويد المسجد الأقصى وإقامة "الهيكل" المزعوم.