منذ ان انطلقت حملة الفجر العظم قبل عامين وهي آخذة في تصاعد مستمر، استجابة للدعوات المطالبة بحماية المسجد الاقصى المبارك من الاقتحامات اليومية له من قبل قطعان المستوطنين وغلات الصهاينة على رأسهم ما تسمى بجماعة الهيكل المتطرفة، ففي العام الماضي حمل دعواتٍ شبابية مقدسية لإعادة المبادرة مرة أخرى، فأُعلنت عودة الفجر العظيم يوم الجمعة 10 ديسمبر/كانون الأول 2021، وقد حققت استجابة واسعة للمبادرة من مختلف فئات الشعب الفلسطيني في هذا العام، وبالتالي فقد أصبحت مبادرة الفجر العظيم سلاحا مقاوما جديدا بمنزلة حالة تحدٍّ من المقدسيين خصوصا والفلسطينيين عموما من مدن وقرى الضفة وفلسطينيي الداخل والغزيين على السواء رغم منعهم من الوصول إلى القدس، وقد أظهرت خلالها المزاج الشعبي الغاضب من خلال إطلاق الشعارات الشعبية التي تندد بالاعتداء على الأقصى، وقد حملت عناوين هدفها إثارة الرأي العام في القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة، وأيضا إرعاب وتخويف المعتدين، مثلا: شعار (فجر وعد الآخرة)، تلاها شعار (فجر حراس الأقصى)، ثم شعار (فجر الحرائر)، ثم شعار (شد الرحال).. واليوم الدعوة لصلاة الفجر والجمعة بشعار (القدس ميثاق الأمة).
لعل أهم رسالة حملتها هذه الصحوة الشبابية هي تأكيد عروبية وإسلامية المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي، وقد أصبحت كابوسا يؤرق المعتدين الصهاينة ومن خلفهم سلطات الاحتلال التي تسعى لتهويد الأماكن المقدسة وتجريدها من عروبتها وإسلاميتها، وما يغيظها أن هذه الحملة الشعبية قد أثبتت فاعليتها وتأثيرها، التي انطلقت أولاً في المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، وكان هدفها المعلن تكثيف الوجود الفلسطيني في المسجد الإبراهيمي، الذي أعلنته سلطات الاحتلال تراثاً يهودياً عام 2009، بهدف إعادته إلى واجهة الأحداث في مدينة الخليل وتحويله إلى نقطة تجمع للفعاليات الشعبية المناهضة للاحتلال وإجراءاته.
لم يقتصر الأمر على هذه الدعوات الشعبية لصلاة الفجر فقط على المسجد الأقصى المبارك، بل إنها أخذت طابعا شعبيا بنشر عشرات الدعوات في الضفة الغربية وقطاع غزة والداخل المحتل، للمشاركة في صلاة الفجر ضمن حملة "الفجر العظيم"، وتركزت في المساجد المركزية بالمدن والبلدات الفلسطينية للإعراب عن حماية الأقصى من مخاطر التهويد والتقسيم تبدأ من تكثيف الوجود وتحدي إجراءات الاحتلال في المسجد، والتصدي لاقتحامات المستوطنين له، لا بل تعدت الحدود والحواجز والحصار، وانطلقت في البلاد والدول العربية، مثل تركيا والأردن والجزائر والمغرب والكويت وقطر، وعدد من الدول العربية والإسلامية الأخرى؛ ما يدلل على مدى استجابة الأمة ومؤازرتها ومساندتها للمصلين في المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثاني الحرمين وثالث المساجد.
أعتقد أن مخطط تقسيم الأقصى الذى يحلم به الاحتلال الذي بدأ بعزله عن المصلين ومنعهم من الوصول للمسجد منذ عام 2000، ناهيك بسياسة الإبعاد التي تنتهجها سلطات الاحتلال ضد المقدسيين وخطباء الأقصى على رأسهم الشيخ عكرمة صبري، أصبح أمرا صعبا، بل يستحيل بحضور فلسطيني بشري كثيف، وقد اعتقدت جماعات الهيكل أن العزل فرصة مواتية للانقضاض على الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم، فجاءهم الرد تلو الآخر من هبّة القدس عام 2015، إلى هبّة باب الأسباط 2017، وهبّة باب الرحمة 2019، وهبة "ذبح القرابين" والأعلام.. والآن الفجر العظيم، الذي أصبح بوابة لاستعادة الحراك الشعبي الفلسطيني الواسع، ولتبديد كل ما تعتبره تلك الجماعات إنجازا لها بالاستفراد بالأقصى، ولذلك ترتعب منه الدولة وجماعات الهيكل على حد سواء.