استكمالًا لسياسة "إدارة الظهر" التي تنتهجها الإدارة الأمريكية ضد القضية الفلسطينية، اجتمع الرئيس الأمريكي جو بايدن بزعماء دول مجلس التعاون الخليجي ودول عربية أخرى خلال قمة جدة، دون إشراك رئيس السلطة محمود عباس أو التطرق للقضايا الفلسطينية الكبرى.
وزاد من ذلك، أنّ "بايدن" تَوجّه من مطار "بن غريون" الإسرائيلي إلى مطار جدة بالمملكة العربية السعودية مباشرة، في رسالة واضحة تحمل الهدف الرئيس الذي جاء بايدن لتحقيقه في المنطقة وهو توسيع التطبيع مع دولة الاحتلال.
ليست في اهتماماتهم
يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية د.عثمان عثمان: إنّ "القضية الفلسطينية ليست في وارد اهتمام الإدارة الأمريكية أو (إسرائيل) وبعض الدول العربية المُطبّعة الأخرى"، معتبرًا عدم دعوة عباس "تهميشًا واضحًا بموافقة عربية ضمنية".
ويوضح عثمان خلال حديثه لصحيفة "فلسطين"، أنّ القمة لم تتطرق للقضية الفلسطينية أو لتحريك ما يُسمى "عملية السلام"، إنما لمصلحة الولايات المتحدة و(إسرائيل) بتشجيع من المضيفين في جدة وخاصة من السعودية والإمارات لذلك.
ورأى أنّ هناك حاجة أمريكية لأن تسهم السعودية والإمارات في زيادة ضخّ البترول والغاز في السوق لتعويض النفط الروسي، إضافة إلى تعميق التطبيع العربي مع دولة الاحتلال، مشيرًا إلى أنّ قيادة السلطة كانت تعلم بكل تفاصيل زيارة "بايدن" قبل تنفيذها و"قَبِلت بذلك".
وشدّد عثمان على ضرورة "أن تتخلص السلطة من أسطوانتها المشروخة بأنّ الولايات المتحدة قادرة على إيجاد حلٍّ للقضية الفلسطينية على مدار أكثر من 30 سنة".
وانتقد عثمان، استمرار تمسك السلطة بالإدارة الأمريكية رغم عدم تلقّيها أيّ وعود من "بايدن" بإيجاد حل للقضية الفلسطينية أو رفع منظمة التحرير من قائمة الإرهاب، أو حتى تقديم مساعدات مالية نقدية لها بشكل مباشر، أو "حل الدولتين" الذي تعوّل عليه.
وأضاف: "يجب على قيادة السلطة أن تعيَ أنّ الرهان على الإدارة الأمريكية خاسر ولا يفيد الشعب الفلسطيني، وما يهم الولايات المتحدة هو النفط وتحشيد موقف عربي ضد روسيا وهرولة عربية نحو (إسرائيل) دون مقابل".
وختم حديثه: "قيادة السلطة كانت وما زالت وستبقى تُراهن على أي بارقة أمل غربية وبالذات أمريكية، لأنها لا تُعوّل على الشعب الفلسطيني، لكونها غيّرت مبادئها وفقدت ثقتها وشطبت ميثاقها، ما جعل مكانة القضية الفلسطينية تتراجع عالميًّا".
معاداة محور المقاومة
إلى ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي د. عادل سمارة، أنّ قمة جدّة جاءت من أجل معاداة محور المقاومة والحصول على النفط، مشيرًا إلى أنّ "بايدن" يعدُّ أنّ أبا مازن لا يُمثّل القضية الفلسطينية.
وبيّن سمارة في حديثه لـ"فلسطين"، أنّ كل ما تفعله الإدارة الأمريكية هو ضد القضية الفلسطينية ويسعى لتصفيتها، قائلًا: "بايدن ليس حريصًا على مناقشة القضية والسلطة ليست في موقع القوي حتى تفرض عليه أجندة أو نقاشًا مُعيّنًا".
وأوضح أنّ "بايدن" اتفق مع الاحتلال على إعلان "بايدن-لبيد" المتعلق بمدينة القدس، لذلك فإنّ المسألة الفلسطينية مهمّشة عمدًا، منتقدًا استمرار مراهنة السلطة على القيادات الأمريكية ووصفها بأنها "المنصفة للقضية الفلسطينية".