فلسطين أون لاين

لقاء جدة.. بايدن يقطف ثمراته دونهم

"السلام مع (إسرائيل) قرار إستراتيجي، ولكن هناك مطالب معينة يجب تلبيتها قبل تنفيذ هذا القرار". كان هذا رد الجبير وزير خارجية المملكة السعودية على سؤال: هل تنضم المملكة إلى اتفاقية أبراهام؟!

حين يكون السلام مع (إسرائيل) كدولة تحتل الأراضي الفلسطينية خيارا إستراتيجيا، فهذا يعني أن تطبيع المملكة معها هو مسألة وقت، وأن الأمور تسير بالتدرج الذي يتناسب مع سياسة المملكة التقليدية إلى أن تصل إلى نهايتها. وحين تصل الأمور إلى نهايتها فلن تكون ثمة دولة فلسطينية، وسيكون حلّ الدولتين الذي أشار إليه بيان جدة شيئا من الماضي. هو الآن من الماضي عندنا في فلسطين، وغدا يكون كذلك في سياسة المملكة ودول جدة، بدليل أن أجواء المملكة فتحت أمام الطيران الإسرائيلي بلا مقابل، أو بدون شرط قبول المبادرة العربية.

كل الدول التي اجتمعت مع بايدن في لقاء جدة (للتنمية والأمن) أكدت في كلمات رؤسائها مركزيةَ القضية الفلسطينية، وحلّ الدولتين، ودور أمريكا على تشجيع الأطراف للقيام بهذا الحلّ، وبعضهم زاد بضرورة التزام المبادرة العربية. وغني عن القول إن جلّ الدول المجتمعة في جدة قفزت عن المبادرة العربية، ومن يتمسك بها في تصريحاته لا يتمسك بها في أعماله.

لقاء جدة جاء تحت عنوان "التنمية والأمن" والمقارب لهذا العنوان تحليلا وتفكيكا يجده للأمن فقط، وأن موضوع التنمية حشر فيه حشرا لذر الرماد في العيون، والتخفيف من تداعيات قضية الأمن، التي تكون عادة موجهة ضد جهة معينة تهدد الأمن في المنطقة.

لم يتمخض اللقاء عن قرارات تنموية كبيرة ومفيدة للدول المجتمعة، في حين تمخض اللقاء مع لبيد في (إسرائيل) عن (إعلان القدس)، وفيه قرارات ملموسة، ومنها التزام أمريكا بأمن (إسرائيل)، والتزامها بمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، ومنها دعم الدفاع الإقليمي الأمني والعسكري، وتوسيع إدماج (إسرائيل) في المنطقة.

القادة العرب يعرفون هذه المفارقة الواسعة في النتائج بين لقاء بايدن لبيد، ولقاء بايدن بدول مجلس التعاون الخليجي والمملكة، ومصر والأردن والعراق، في لقاء جدة. هم يعلمون أكثر من ذلك، ولكن لا حيلة لهم للوصول لأكثر من الكلام الطيب، الذي يدفع المواطنين نحو الرضا بما كان، وانتظار المستقبل. ولو تنبه القادة لتداعيات الحرب في أوكرانيا، ومستجدات المستقبل التي تتبلور في العالم، وتم لقاء بايدن، ووظفوه لخدمة دولهم وقضاياهم لحققوا ما هو أفضل مما جاء في البيان المشترك، ولتمكنوا من ترجمة الكلام إلى عمل وقرارات، رغم أنف بايدن الذي يعاني تداعيات أوكرانيا، وارتفاع أسعار النفط والغاز، وتعاظم الصين، وتقارب روسيا مع الصين ومع إيران. وتوجه هذه الدول لمكافحة الدولار كعملة أولى دوليا. القادة لم يظفروا باستشارات جيدة من مستشاريهم، ومن ثمة جاء البيان المشترك بيان لغة وترضية في أغلبه.