فلسطين أون لاين

تقرير محللون: دعوة هنية لبناء تحالف سياسي تنذر بوجود خطر يهدد القضية الفلسطينية

...
إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" (أرشيف)
غزة/ جمال غيث:

لم يفلح الاحتلال الإسرائيلي طوال الأعوام الماضية في اختراق الشعوب العربية وتغيير توجُّهاتها نحو استئصاله من أرض فلسطين، رغم الاتفاقيات التطبيعية الموقعة معه ومحاولة بناء تحالفات في المنطقة لحماية أمنه.

ولحماية الشعوب العربية من مخاطر بناء التحالفات بين أنظمتها والاحتلال، أكد محللون أهمية حشد طاقات الأمة نحو مواجهة المشاريع الأمريكية في المنطقة، واستعادة الوحدة الوطنية، وتفعيل كل الوسائل الممكنة للوصول إلى الشعوب العربية لرفض الاحتلال، وإقامة تحالفات عربية مقاومة لحماية المنطقة من احتلاله.

وكان رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية قد دعا لفتح حوار إستراتيجي بين مكونات الأمة ودولها؛ يفضي إلى بناء تحالف سياسي يحمي المنطقة من الهيمنة والتطبيع والسيطرة على الثروات.

وشدّد هنية في تصريح له أول من أمس على أنّ محاولات الإدارة الأمريكية لإعادة هندسة المنطقة على أساس إدماج الكيان المحتل فيها وتوفير الأمن له عبر التحالفات مع بعض الحكومات العربية "ستبوء بالفشل".

ورأى محللون أنّ دعوة هنية تؤكد وجود تهديد حقيقي لكل من يقاوم الاحتلال، ويُحذّر من أنّ القضية الفلسطينية باتت في مهب الريح.

شبكة أمان

واعتبر المحلل السياسي د. ناجي الظاظا دعوة هنية لبناء تحالف سياسي "تأكيدًا لوجود تهديد حقيقي لكل من يقاوم الاحتلال"، مضيفًا أنّ القضية الفلسطينية باتت أمام تهديد إستراتيجي.

ودعا الظاظا في حديث لصحيفة "فلسطين" قوى المقاومة إلى التوحد مع حلفائها وشركائها في المنطقة لمواجهة الاحتلال، مؤكدا أنّ الأخير والإدارة الأمريكية يسابقان الزمن لمنع تشكيل تحالف سياسي يحمي المنطقة من الخطر الإسرائيلي.

وأضاف: "نجد الإدارة الأمريكية والاحتلال ينسجان تحالفًا سياسيًّا عسكريًّا أمنيًّا لإيجاد حالة تكامل مع دول عربية وإقليمية لحماية أمنه"، مردفًا "الاحتلال كيان لا يمكن التعايش معه ولا يوجد شراكة معه، فكل مصلحة معه هي ضد شعوب المنطقة وضد القضية الفلسطينية، ويحاول أن يُغرّر بالدول العربية وشعوب المنطقة بالتعايش معه وبناء تحالفات".

وحث حركة حماس والمقاومة على تنسيق جهودهما السياسية والعسكرية والأمنية لمواجهة التهديد الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة "فمن يغتصب الأرض والمقدسات يتجاهل حقوق شعبنا الفلسطيني ويتجاهل واجباته ضد الاحتلال".

وشدد على ضرورة العمل على بناء "شبكة أمان" وتحالف سياسي ضد الاحتلال الذي بات يخشى من مواجهة متعددة الجبهات، مشيرًا إلى أن المناورة العسكرية الإسرائيلية الأخيرة التي أطلق عليها اسم "عربات النار" واستمرت نحو شهر، أظهرت خشية الاحتلال من إنشاء تحالف عسكري أمني إستراتيجي بين كل قوى المقاومة لمواجهته.

خطر كبير

ورأى الكاتب والمحلل السياسي مصباح أبو كرش أنّ دعوة هنية جاءت لتُحذّر من الخطر الكبير والواضح لمحاولات الإدارة الأمريكية لإدماج الاحتلال في المنطقة وتوفير الأمن له، محذرًا من خطورة ما يسمى "إعلان القدس" الذي وقّعه بايدن مع الاحتلال، إذ إنه محاولة لحصر الصراع بين الاحتلال والمقاومة فقط.

وأضاف أبو كرش لـ"فلسطين" أن دعوة هنية جاءت للتأكيد أن القضية الفلسطينية عربية إسلامية لا يمكن حصرها فقط في صراع بين الاحتلال من جهة وإيران ومحورها في المنطقة، لافتًا إلى أن هنية أراد استنهاض الشعوب ودور العرب والمسلمين أمام استحقاق قضيتهم الفلسطينية العادلة.

ويأمل أن تلتقط الشعوب العربية دعوة هنية، مشيرا إلى أن كثيرا من الأنظمة العربية مسلوبة الإرادة، ولا تملك أي شيء من قراراتها وتقوم بالدور الوظيفي لحماية الاحتلال.

وحثّ فصائل المقاومة وإعلامها على استثمار كل الجهود للوصول إلى الشعوب العربية وإيصال الرسائل لهم لتصحيح مسارهم لنصرة القضية الفلسطينية وإفشال المخططات الإسرائيلية والأمريكية للنيل منها، مردفًا "الشعوب العربية مخدرة بحاجة لمن يوقظها".

سد منيع

وقال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إن دعوة هنية موجهة للجماهير العربية وتهدف لتعبئتها وتحشيدها ضد بناء التحالفات السياسية والأمنية مع الاحتلال برعاية أمريكية.

ورأى في حديث لـ"فلسطين" أنّ إنهاء الانقسام وإعادة بناء منظمة التحرير من شأنه أن يحرك الشارع العربي ضد الإدارة الأمريكية والإسرائيلية، مضيفًا أنّ أحوال الشعوب العربية وحركة التحرر العربي "صعبة جدا بسبب استبداد الأنظمة"، لكنها تقف دومًا مع القضية الفلسطينية، ورغم توقيع اتفاقيات "كامب ديفيد" و"وادي عربة" وغيرها لم يفلح الاحتلال في اختراقها، ولا تزال تقف سدًّا منيعًا أمام إمكانية اختراقها.