حذّر رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق في الضفة الغربية سامي صرصور، من أنه في حال انهيار السلطة القضائية، فإنّ الأوضاع ستصبح في حالة ضياع تسودها الفوضى وتصبح الأمور مخيفة.
وقال صرصور في مقابلة خاصة مع صحيفة "فلسطين": إنّ "حالة فوضى تسود الضفة الآن نتيجة تعنُّت السلطة بالتمسك بالتعديلات القانونية الأخيرة، ورفضها الاستجابة لمطالب المحامين بإجراء تعديلات عليه".
وأضاف أنّ المادة رقم (43) في القانون الأساسي المعدل خولت رئيس السلطة محمود عباس بإصدار قرارات بقانون "حسب الضرورة" في حال عدم انعقاد المجلس التشريعي، معتبرًا إياها "مادة سوداء" أُسيء استعمالها في كل القرارات بقانون التي جرى إصدارها وفقًا لأحكام المادة.
وأوضح أنّ المشكلة القائمة والنابعة من صدور قرارات بقانون تتعلق بزيادة رسوم المحاكمة، وإجراء تعديلات من عباس على قانون التنفيذ وقوانين أصول المحاكمة الجزائية والمدنية، والتي اعترض عليها المحامون وطالبوا بتعديلها، مشددًا، على أنّ الأصل المطالبة بإلغائها تماما وإلغاء المادة 43 من القانون بأيّ طريقة دستورية وقانونية كانت.
وحول تصعيد خطوات المحامين التي شملت تعليق العمل والشروع بإضرابات، عدّ أخطرها طلب المحامين لمجلس النقابة لاعتبارهم غير مزاولين، والتي من المقرر أن يجتمع مجلس النقابة في نهاية يوليو/ تموز الجاري للمصادقة على هذه الخطوة بحيث تكون سارية المفعول، وهو يعني عدم مثولهم أمام المحاكم، وهذا يعني "أنّ المنظومة القضائية تكون قد دُمّرت وقد أغلقت المحاكم أبوابها".
تقليل المرافعات
وبشأن الهدف من قيام السلطة بإصدار التعديلات الأخيرة، أوضح أنّ الهدف منها ربما يكون بتقليل عدد المرافعات داخل المحاكم، وهذا ما تفسره زيادة الرسوم، كذلك زيادة الإيرادات لميزانية السلطة، رغم أنّ النظام الحالي لا يوجد به أيّ مشكلات بخصوص رسوم المرافعات، لكن يبدو أنّ رسومهما ليست كافية في نظر السلطة.
وأكد أنه لا يجوز بالأساس إصدار قرارات بقانون كما لا يوجد أيّ ضرورة لتطبيق المادة (43)، معتبرًا إيّاها استيلاءً على السلطتين التشريعية والقضائية.
وعن الآثار المترتبة على التعديلات، بيّن صرصور أنها تؤثر في المحامين، وعليه سيتجه الناس لفض المشكلات بالعرف والحلول العشائرية؛ ما قد يؤثر في السلم الأهلي.
وعارض صرصور إطلاق اسم "القضاء العشائري"، لأنّ القضاء للقانون وله صفات معينة، كما أنّ ما يمكن تسميته "العرف العشائري" تختلف أعرافه من محافظة لأخرى، مؤكدًا أنّ استمرار التعديلات ومقاطعة المحامين للمحاكم سيؤدي بالمواطنين لتحصيل الأموال من خلال "الفتوة" أو الاقتتال بالشوارع، وهذا ما سيقود لواقع مأساوي في حال وفاة عباس نفسه.
وأشار إلى أنّ أغلب القرارات بقانون التي صدرت عام 2019 وما بعده من قانون السلطة القضائية المعدل، وقانون المحكمة الإدارية، وقوانين تتعلق بأمور قضائية أعطت رئيس السلطة سلطة تحكمية، بمعنى أنه يستطيع تعيين رئيس المحكمة العليا وليس من خلال المجلس الأعلى للقضاء، ويستطيع عزله.
وبيّن أنّ هذه التعديلات جعلت القضاء في يد السلطة التنفيذية، حتى أنّ عباس يستطيع عزل أيّ قاضٍ، إذ تبقى تعديلات القاضي تحت التجربة لمدة ثلاث سنوات؛ أي إنه أصبح موظفًا، مؤكدًا أنّ عباس قيّد الجهاز القضائي ويستعمل رئيس المجلس كأداة لهذا التقييد.
واستغرب صرصور أنه ورغم الحالة المتوترة بسبب اعتصامات المحامين، فإنّ الأنباء تتوارد عن سفر رئيس المجلس الأعلى للقضاء عيسى أبو شرار، وهذا دليل عدم الاهتمام بالقضاء، في وقت ينام المحامون معتصمين داخل أروقة المحاكم.
ولفت إلى أنّ عباس أصدر 310 قرارًا بقانون وألغى بعضها، واصفًا ذلك بأنه "لعب أولاد" لأنّ الإلغاء يحتاج أيضًا إلى قانون.
وأغلق المحامون ظهر الأربعاء الماضي، مجمع المحاكم بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، قبيل اعتصام المحامين، فيما عزّزت أجهزة أمن السلطة من وجودها في محيطه، ويتجهون لخطوات تصعيدية قد تصل لعصيان مدني.
وسبق هذه الخطوات التصعيدية، رسالة تحذير أطلقتها النقابة من خلال تنظيم مسيرة حاشدة للمحامين على دوار المنارة بمدينة رام الله قبل أسبوع، احتجاجًا على القرارات بقانون الصادرة من عباس، وبتنسيبٍ من رئيس مجلس القضاء الأعلى عيسى أبو شرار، مثل القرارات بقانون المعدلة لقانون الإجراءات الجزائية، والمعدلة لقانون أصول المحاكمات المدنية، وقانون التنفيذ، والتي اعتبرتها النقابة في بيان لها "تعديًا على مبدأ سيادة القانون والدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم العامة".