فلسطين أون لاين

​الشيخ صلاح.. الرجل الذي يقول لـ(إسرائيل): لا

...
رائد صلاح (أرشيف)
غزة - يحيى اليعقوبي

"نحن على الحق ليجندوا ما يشاؤون" قالها بثقة، متابعًا: "إما أن نعيش على أرضنا سعداء، أو أن ندفن فيها شهداء"؛ أما رسالته لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو فهي: "نحن في الداخل لسنا مجرد عدد وإن بلغ مليونًا ونصف مليون فلسطيني، فنحن مجتمع له امتداه الإسلامي العربي الفلسطيني، نمثل التمسك بثوابت لا تنسى".

هو الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل سنة 1948م. أب لثمانية أبناء، ولد عام 1958م، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي في مدينة أم الفحم التي ولد فيها، فيما حصل على بكالوريوس "الشريعة الإسلامية" من جامعة الخليل.

وترأس بلدية أم الفحم، ثلاث مرات متتالية بين عامي 1989م و2001م، أما في 1996م انتخب رئيسًا للحركة الإسلامية قبل اتخاذ الاحتلال الإسرائيلي قرارًا بحظرها في 2015م.

نقش كلماته على صخرة الثبات في ذكرى النكبة، إذ يقول: "إن أرضنا المباركة ما زالت تقول لنا لا عودة عن حق العودة"، أما قبل زجه في سجون الاحتلال بمايو/أيار 2016م، فلم يهز ذلك صلابته وهو يردد: "سأدخل السجن بمشيئة الله لا بمشيئة نتنياهو وقضائه".

واعتقله الاحتلال في 2003م لمدة سنتين، وفي 2010م لمدة ستة أشهر. ومكث الشيخ صلاح ثمانية أشهر في سجون الاحتلال في 2014م، وكانت آخر مرات الاعتقال في الثامن من أيار/ مايو 2016م لقضاء حكم بالسجن لتسعة أشهر.

ولم تكن حياة الشيخ رائد صلاح في العزل داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي طيلة تسعة أشهر، عادية بل ألف خلالها أربعة كتب وقرأ أكثر من 80 كتابًا، ونظم 23 قصيدة، سينشرها خلال الأيام القادمة "لينتفع بها الآخرون."

أما المسجد الأقصى فله في حياة الشيخ صلاح قصة وحكاية، وهو الذي وجه يومًا رسالته للمرابطين في المسجد قائلًا: "أيها الجرحى والمعتقلون والمرابطون بالأقصى؛ على صخرة رباطكم بالقدس والمسجد الأقصى سيتحطم ظلم الاحتلال الإسرائيلي، وغروره، وكيده، وكل حلم أسود للاحتلال الذي لا يزال يسعى إلى تهويد القدس وبناء هيكل أسطوري مزعوم".

الشيخ صلاح، الملقب بـ"شيخ الأقصى"، ارتفع صوته وهو يتنقل بين مواقع الحفريات التي ينفذها الاحتلال أسفل المسجد الأقصى ومحيطه، فكان سباقًا في كشف هول مخططات الاحتلال وحفرياته بالصوت والصورة والخريطة والوثيقة.

"نحن مطالبون بتحويل رباطنا بالأقصى إلى درع بشرية للدفاع عنه"، لم تكن هذه مجرد كلمات في مهرجانات جماهيرية، فقد قاد الشيخ قبل ذلك عمليات إعمار "عملاقة" للمسجد الأقصى، بإعادة فتح المصلى المرواني، وإعمار مصلى الأقصى القديم، برفقة المئات من أهالي القدس والداخل الفلسطيني.

"بالروح بالدم نفديك يا أقصى"؛ لطالما كانت هذه العبارة حاضرة في خطاباته، مدللًا على عمق الترابط الروحي بينه وبين المسجد الأقصى، ما أغاظ حكومة الاحتلال، فتعرض لمحاولة اغتيال سنة 2000م خلال هبة تشرين الأول/ أكتوبر بعد إصابته بطلق ناري برأسه، ولاحقًا تعرض لمحاولة اغتيال خلال مشاركته في أسطول الحرية التركي المتجه لغزة في 2010م.

منع من السفر

كما تعرض لقرارات الإبعاد عن الأقصى عدا عن قرارات منعه من السفر خارج فلسطين، وتحريض الاحتلال عليه خارج فلسطين فاعتقل في بريطانيا عام 2012م دون أي تهمة.

في خطابه، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015م، داهمت الأذرع الأمنية للاحتلال مكاتب الحركة الإسلامية، وعاثت فيها فسادًا وفي نفس تلك الأجواء، أعلنت حكومة الاحتلال حظر الحركة في الداخل المحتل.

"أتدرون"، يخاطب الحاضرين أمامه ومن خلف الشاشات: "سألني بعض الإخوة: وماذا بعد؟"، لكن جوابه عليهم لم يطل: "هذا يعني أن الحركة الإسلامية انتصرت على كل من يحاولون أن يساوموها على ثوابتها من المؤسسات الإسرائيلية وأطراف عربية وأجنبية".

تغنى بمواقفه الشعراء والكتاب والأدباء، وأنشدت له الكلمات مواسية إياه في أسره: "هان السجن؛ أما عزمك لا ما هانا، تجتث الغرقد من ترب ثرى أقصانا"، حطم قيدك شيخ صلاح نادي الأمة، واهتف من نزف الجراح أنت الهمة".