فلسطين أون لاين

التطبيع "شر مطلق" و(إسرائيل) عدو للمغرب والشعوب العربية.. والمطلوب محاربتها

حوار المغربي ويحمان: "المثقف المشتبك" يقود معركة محاربة التطبيع مع (إسرائيل)

...
أحمد ويحمان رئيس المرصد المغربي لمناهضة التطبيع المغربي
الرباط (المغرب) / غزة – فاطمة الزهراء العويني:

أيقن رئيس "المرصد المغربي لمناهضة التطبيع المغربي أحمد ويحمان أنّ محاربة التطبيع العربي مع (إسرائيل) خاصة في بلاده المغرب ضرورة لا يمكن التخلي عنها، لأنّ الكيان الإسرائيلي ليس خطرًا على فلسطين فحسب بل على البلاد العربية والإسلامية، ويسعى من وراء التطبيع إلى تحقيق الاعتراف العربــي الرســمي بالســردية التاريخيــة للصهيونية، والاعتراف بشــرعيتهم التاريخيــة والأخلاقية حســب منظورهــم، وتغيير البنيـة الثقافيـة للشـعوب العربيـة، وتهيئتهـا سياسـيًّا لتقبل هيمنة الكيـان الإسرائيلي، وتذويب القضية الفلسطينية.

ويرى المثقف والناشط المغربي ويحمان أنّ التطبيع العربي مع (إسرائيل) تزكية للمجازر الإسرائيلية وتبييض وجه المحتل وبشاعته لتبدو العلاقة اعتيادية معه، وأنه "كيان طبيعي" وهو ما شجعه على ارتكاب المزيد من المجازر بحق الشعب الفلسطيني وتدنيسه المقدسات الإسلامية واقتحاماته مسرى رسولنا الكريم، وفرض التقسيم الزماني والمكاني تمهيدًا لهدم المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم.

ويقول ويحمان في حوار خصّ به صحيفة "فلسطين": " بينما يريد الحكام العرب من خلال التطبيع
-الذين لا شرعية شعبية لهم- ويلتمسون البقاء على كراسيهم من خلال تقديم فروض الطاعة لكل من (إسرائيل) والولايات المتحدة الأمريكية" لتعزيز مكانة (إسرائيل)، تنهض الشعوب للقول لا للتطبيع ولا مكانة لـ (إسرائيل) بيننا ومحاربتها فرض علينا.

يرى ويحمان أنّ المخاطر من التطبيع بالنسبة للبلدان المُطبّعة لا تقل خطورة عمّا يتهدد الشعب الفلسطيني من تنكيل وبطش يومي ومخططات صهيونية، فهم يريدون ابتلاع بعضها كما الإمارات العربية المتحدة وتقسيم وإشعال حروب على أسس عرقية وقبلية ومناطقية كما المغرب والسودان وغيرها التي تواجه مخطط تقسيم يشرف عليه الصف الأول من صناع القرار السياسي والاستخباري والعسكري في(إسرائيل)".

شر مطلق

ومضى بالقول:" التطبيع " شر مطلق" والاحتلال الإسرائيلي سيبقى عدوًا للشعب المغربي والشعوب العربية وأي تطبيع بأي شكل ومستوى كان هو خيانة يجب محاربته".

ويؤكد ويحمان أنه لا علاقة للجماهير الشعبية في كل الساحات العربية بالتطبيع مع (إسرائيل) الذي "هو نتاج للاستبداد الرسمي في الأقطار المطبعة، ولو آلت الأمور إلى الشعب ما قبل بالتطبيع مع الاحتلال، مضيفاً" الشعوب في وادٍ والحكام في وادٍ آخر ولا يحركهم إلا مصلحتهم فهم يلتمسون الشرعية من الاستعمار الذي يحميهم لأنه هو الذي صنعهم".

ويعرب عن ثقته بأنه لا خوف من تأثير التطبيع على الوعي العام العربي لأن الشعب العربي من المحيط للخليج -رغم كل هذه الترهات والتقليعات الإعلامية والنفخ في بعض المظاهر المحدودة والمعزولة والمدانة لبعض الانتهازيين من المطبعين لإعطاء الانطباع بأن هناك تيار عارم للتطبيع- هو ضد التطبيع.

ويضيف: "الشعب العربي في كل الساحات العربية عنده مناعة ضد (إسرائيل) ورأينا ما جرى منذ عقود في مصر والأردن التي لم تطبع شعوبها ونرى ما يجري في البحرين والإمارات والمغرب والسودان، كل الشعوب العربية والإسلامية ترفض التطبيع وتعتبره خيانة ولن تتركه يمر رغم تخاذل المتخاذلين من أصحاب المصلحة الذين يحاولون فرضها".

ويتابع بالقول، متأكدون أنه لولا الاستبداد ما كان يمكن للتطبيع أن يمر، ولكن الأنظمة التي تربط مصيرها بالقوى الاستعمارية التي تحميها هي المشكل والسبب في هذا التطبيع".

وعن دور المثقفين العرب في محاربة التطبيع، يقول ويحمان: "دورهم هو توعية الجماهير العربية بخطورة التطبيع، على بلدانهم أولاً وعلى فلسطين ثانياً، فالتطبيع شر مطلق وهو ما حل ببلد من البلدان إلا وتبعه الخراب لأن مصلحة (إسرائيل) في ضرب الأقطار العربية في اقتصادها وتماسكها الاجتماعي وثقافتها وإرثها الحضاري".

مثقف مشتبك

ويوضح وجود حالة تنافٍ بين مشروع النهوض والتقدم وبناء التنمية العربية والتطبيع مع الاحتلال الذي تكمن مصلحته في تقويض أسس الاقتصادات الوطنية وضرب مقومات الهوية العربية الإسلامية في أقطارنا، "فهنا تبرز الحاجة لـ"المثقف المشتبك" الذي يقود الجماهير نحو التقدم والديمقراطية وحقوق الإنسان والتحرر من رق الاستعمار والمشاريع الاستعمارية الخبيثة ومن أي تعاطٍ بأي شكل كان مع الاحتلال".

وعما إذا كان الخوف من الاعتقال والملاحقة والمضايقات –كما حدث مراراً مع ويحمان- يمكن أن يكون سبب نكوص بعض المثقفين عن دورهم في محاربة التطبيع، يشير أن ما حدث معه ومع غيره من المثقفين من اعتداءات واعتقالات هي "تضحيات لا بد من أداء فواتيرها وتسديد ضرائبها، فهي ضرائب صغيرة قياساً بمن دفعوا أرواحهم الطاهرة ودماءهم الزكية من أجل القضية والصامدين في الزنازين".

ويضيف: المناضل مناضل والمتخاذل متخاذل، بالنسبة لمن حسموا أمرهم واختاروا من الشجاعة ما يكفي لاتخاذ المواقف فهؤلاء لا يمكن أن يؤثر فيهم ما يرونه من القمع بل إن المناضلين والمثقفين المشتبكين لا يزيدهم القمع إلا إصراراً وصلابة، وهؤلاء يعتمد عليهم وهم أصحاب الرسالة الذين يصنعون التاريخ بتضحياتهم وصمودهم".

ويعبر عن قناعته بالقول: "الخوف لا يتسرب لصفوف المناضلين وهناك شعار موروث بالنسبة لهم على اختلاف توجهاتهم الفكرية والسياسية ومواقعهم النضالية والنقابية ذو مغزى ومدلول عميق وهو "الإرهاب لا يرهبنا والقتل لا يثنينا وقافلة التحرير تشق طريقها بإصرار"".

ويرأس ويحمان "المرصد المغربي لمناهضة التطبيع" الذي يعمل بكل الوسائل المتاحة لكي يوصل مبادئه من خلال الندوات والمحاضرات واللقاءات والتظاهرات والمسيرات والجامعات والأحياء الجامعية والمجالس الخاصة والمناسبات الاجتماعية وكل قطاعات عمل منتسبيه والقطاع الطلابي والشبابي والنسائي وفي النقابات والأحزاب.

قضيتنا الأولى

ويقول: "نحن لا نوفر فضاءً من الفضاءات العمومية ولا تنظيما جماهيريا إلا ووُجِدنا فيها وحاولنا تشبيك عملنا مع كل من يؤمن بهذه الرسالة بغض النظر عن اختلافاتنا الفكرية واجتهاداتنا السياسية تبقى قضية فلسطين وقضية التصدي للاختراق الصهيوني تجمع كل المغاربة".

ولا يتوقف ويحمان على التأكيد بأن المغاربة يمكن أن يختلفوا في كل شيء إلا القضية الفلسطينية فهي تجمع كل الطيف السياسي والفكري في المغرب، الذين يعتبرون في أدبياتهم القضية الفلسطينية قضية وطنية وأن فلسطين والمقاومة أمانة والتطبيع خيانة، فهذه كلها مقولات مجمع عليها عند مختلف المدارس المغاربية المناضلة".

ومن ضمن مجهوداته في مناهضة التطبيع أصدر ويحمان كتاباً بعنوان "بيبيو .. الخراب على الباب" يتحدث عن الاختراق الإسرائيلي في كل القطاعات المغربية بالمعطيات والأدلة القاطعة والقرائن وكشف مخطط تخريبي إسرائيلي بالنسبة للمغرب والمنطقة المغاربية وكيف يخطط الإسرائيليون لتقسيمها لعدة كيانات على أسس عرقية وقبلية ومناطقية وإثنية.

وتابع بالقول:" كشفنا خلال الكتاب عن شبكة عملاء “مغاربة " لـ(إسرائيل) بالأسماء يشرفون على عمليات تخريبية وزرع الفتنة المذهبية والقبلية بين المغاربة، وكشفنا عن معسكرات يتم تدريبهم فيها على السلاح من قبل ضباط برتب سامية وحاخامات من جيش الاحتلال".

ويختتم حديثه مع فلسطين بالقول: "نشرنا صوراً لتلك التدريبات وتدريبات أخرى في مبانٍ تابعة لوزارة خارجية الاحتلال وصوراً للمشرفين عليهم كمستشار نتنياهو عوفير جندلمان والمؤرخ ايغال بن نون، وكشفنا بالصور والخرائط ماذا يخطط الصهاينة للمغرب والأقطار المغربية الخمسة كلها، ووضعناه رهن إِشارة الجميع بنسخة إلكترونية متوفرة على الشبكة العنكبوتية دون أي حقوق ملكية، لأنه عمل في سبيل الله والقضية".

يشار إلى أن رقعة التطبيع توسعت وباتت تحتل مساحة كبيرة من الوطن العربي، إذ مرت عملية التطبيع بثلاث موجات؛ الأولى تمثلت فــي اتفاقيــة كامــب ديفيــد بيــن مصــر و(إسرائيل) في عام 1979، تلتها الموجــة الثانيــة فــي التســعينيات مــن خلال اتفاقيــة أوســلو 1993، والاتفاقية الأردنية 1994، ويعــد التطبيع الإماراتي البحريني 2020 المـوجــة الثالثــة وهي مختلفــة عــن ســابقتيها، حيث تعــد أخطــر موجــات التطبيــع علــى الإطلاق، وانطلقت الموجتاــن الأولى والثانيــة مــن مبــدأ "الأرض مقابـل الســلام"، ولكــن الموجــة الثالثــة انطلقت مــن مبــدأ "الســلام مقابـل لا شــيء".