قضيتان تعبّران عن بقية الخيرية والأمل في الأمة، في ظل هذه العتمة والضعف:
١- (وقع 55 نائبًا أردنيًا من أصل 130 على مذكرة تطالب الحكومة الأردنية بإغلاق السفارة الإسرائيلية في عمان، والعمل على استدعاء السفير الأردني لدى تل أبيب). هذا الموقف مهم دبلوماسيًا وشعبيًا، وهو بعض من تداعيات قتل ضابط الحراسة في السفارة الإسرائيلية بعمان لاثنين من الأردنيين، ثم مغادرة السفارة بكامل أعضائها عمان إلى تل أبيب.
قد لا يحدث هذا المطلب (أعني إغلاق السفارة) بحكم المعاهدة بين الطرفين، وبحكم علاقة الطرفين بالولايات المتحدة الأميركية، ولكن يبقى طلب النواب تعبيرًا عن غضب الأردن مما جرى من عملية قتل غير مبررة. نعم لقد ترك النواب للملك الأردني اتخاذ القرار المناسب، والملك نفسه غاضب من أسلوب نتنياهو الذي احتضن القاتل بعد عودته وهو أسلوب عبر عن الاستخفاف بالدم الأردني وبحجم الجريمة المرتكبة في السفارة.
قال النواب: إن "ما جرى في السفارة الإسرائيلية في عمان سلوك عدواني وانتهاك لكل القوانين والأعراف، ويثبت أن العدو لا يعترف بسيادة الأردن ولا يحترمها رغم كل الاتفاقيات". وإن "هذه الجريمة امتداد للإجرام الصهيوني الذي يستمر بانتهاك الرعاية الأردنية للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وقتل القاضي رائد ازعيتر وسعيد عمرو وغيرهم الكثير من الشهداء الأردنيين، مؤكدين أن الدم الأردني وكرامة الأردنيين ليست رخيصة". وقال النواب: "نطالب الحكومة بموقف حازم بطرد السفير الصهيوني من عمان وإغلاق سفارة إسرائيل واستدعاء السفير الأردني من تل أبيب".
٢- ويمكن القول أيضًا بأن أزمة البوابات الإلكترونية قد انتهت بالإزالة، سواء لأن القرار خاطئ في حد ذاته، أو سواء للهبة الجماهيرية المستمرة ضد البوابات والامتناع عن الدخول للمسجد الأقصى، وانتقال الاحتجاجات إلى بلاد عربية وإسلامية، أو نتيجة لتدخل قادة عرب وضغطهم على حكومة نتنياهو، فإن تداعيات هذه البوابات ما زالت مستمرة، فالمسجد الأقصى شبه محاصر بقوات الشرطة، وهناك تفتيش شخصي انتقائي لمن يريدون الدخول للصلاة في المسجد. وما زالت أطماع السيادة على المسجد الأقصى تراود الطرف الصهيوني سواء على المستوى الرسمي أو الحزبي أو الشعبي. في المنطق العبري إن من يحكم في القدس هي (إسرائيل) وبالتالي هي من يقرر الخطوة التالية لإزالة البوابات الإلكترونية.
كانت الإزالة تعبيرًا عن حق المقدسيين والمسلمين بالعبادة بحرية في المسجد الأقصى، وقد أصابوا بعض هذه الحرية، ولكن هذه الحرية ما زالت محفوفة بالأخطار والمكاره والتهديدات الإسرائيلية، ولكن عزيمة المقدسيين كانت أمضى من هذه التهديدات، فهم الحماة الحقيقيون للمسجد الأقصى، من كل الأخطار التي تحيط به.
لقد وحد الأقصى جميع الفلسطينيين، وأعطتهم هذه الوحدة قوة وأملا، وكانوا على صواب، فقد رفع العدو البوابات مضطرًا خشية أن تتحول إلى صاعق يفجر الأحداث في الضفة الغربية بكاملها. وما زالت بهجة النصر مشوبة بالحزن لأن حركة الأمة العربية والإسلامية لم ترتقِ لمستوى التهديدات التي تحيط بالمسجد الأقصى.