فلسطين أون لاين

أزمة الوكالة سياسية وليست مالية

تأسست وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" عقب نكبة عام 1948، بتاريخ 8 كانون الأول/ ديسمبر من عام 1949، بموجب القرار رقم 302، لتكون وكالة مؤقتة ترعى اللاجئين الفلسطينيين في عدة جوانب، ويجدد تفويضها كل ثلاثة أعوام، بالتصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى حين الوصول إلى حل عادل ومُرضٍ ينهي قضية اللاجئين.

تعد قضية اللاجئين الفلسطينيين أولى القضايا الرئيسة في الصراع مع الاحتلال، إذ تحتضن وكالة "أونروا" منذ عام 1950 -بداية عملها رسميا- هؤلاء اللاجئين الفلسطينيين داخل فلسطين والشتات، بما يعرف بمخيمات اللاجئين في عدة مناطق هي: الضفة الغربية، وقطاع غزة، والأردن، وسوريا، ولبنان، ويُشكّلون نحو 66% من التعداد العام للشعب الفلسطيني.

وبعد عقود طويلة للوكالة من العمل وتقديم الخدمات الإغاثية والتشغيلية للاجئين الفلسطينيين، تواجه الوكالة اليوم تحديات كبيرة، أثرت في عملها، ودفعتها لتقليص العديد من الخدمات التي كانت تقدمها للاجئين على مدار عمرها. وقد أوصلوها إلى الأزمة المالية التي تتحكم في عملها، بذريعة وقف الدعم المالي لها، وبطبيعة الحال انعكس هذا الأمر على مستقبلها، ما يهدد وجودها، وينذر بكارثة إنسانية تحل بملايين اللاجئين الذين يعتمدون اعتمادا كليا على المساعدات الغذائية الطارئة “الكابونة” والتعليم والخدمات الصحية، وكذلك الحال بالنسبة للأسر التي يعمل أبناؤها في الوكالة، والهدف من وراء هذا تحويل قضية اللاجئين الفلسطينيين من قضية حق العودة لتصبح مسألة توطين وأمر واقع مفروض على الدول المستضيفة للاجئين، وليس باعتبارها قضية تحرر وطني لشعب محتل، وقد تعرضوا لعملية إجلاء وتشريد وتهجير كولونيالي عنصري، عندما تم تدمير كيانه الوطني والقومي واقتلاعه من أرضه عام النكبة، وصولاً لما بعد احتلال ما تبقى من أرض فلسطين عام 1967.

 إن تراجع الدعم بطرح مبررات زيادة أعداد اللاجئين، "ذريعة فارغة من أجل وقف المساعدة، لأن دولة واحدة مقتدرة كافية لحمل ميزانية الوكالة وحدها. وأما ما يطرحه الآن مسؤولون في الوكالة بإحالة مهامها وعملها على منظمات أممية أخرى، فإنه يعد أول مسمار يدق في نعش الوكالة من أجل تفكيكها وإحالتها على التقاعد، نظراً لما تمثله الوكالة من شاهدٍ تاريخي، ومرجع قانوني وأممي، على نكبة فلسطين وشعبها.

يجب على الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أوجدت الوكالة "أونروا"، أن تبذل كل ما بوسعها من أجل إيجاد حل للأزمة المالية التي تعانيها الوكالة، وألا تسمح بتسييس الوكالة، وإفشال كل مسعى من شأنه تفكيكها، وعلى الجانب الفلسطيني يجب على السلطة ومنظمة التحرير بذل قصارى جهدها، وحث الدول الغربية والعربية على مواصلة دعم الوكالة وتفعيل قضية اللاجئين العادلة في كل المحافل الدولية، وإعادة البوصلة تجاه حق العودة، والتصدي لكل محاولات العبث بمصير الوكالة “الشاهد التاريخي” على مأساة اللاجئين الفلسطينيين، ومحاربة الجهات الضاغطة، وعلى رأسها اللوبي الصهيوني؛ لمنع الدول والحكومات الداعمة.