الفيديو الذي نشرته كتائب القسام للجندي هشام السيد يفتح الملف مجددًا، ويمثل ورقة ضغط كبيرة على حكومة الاحتلال، بعد مماطلة وتسويف إسرائيلي على مدار ثماني سنوات، سواء بعدم بدء تفاوض جدي أو نشر معلومات مضللة لجمهور الاحتلال وإشغال عائلات الجنود الأسرى الأربعة.
قدمت حمـاس على مدار سنوات مبادرات وخطوات لإنجاز صفقة يتم فيها تبييض السجون من الأسرى الفلسطينيين وخاصة النساء والأطفال وكبار السن والمرضى وقدامى الأسرى، ومن أعيد اعتقالهم بعد الإفراج عنهم ضمن صفقة وفاء الأحرار.
بينما الاحتلال الذي تجاهل الأمر عبر الإعلان عن أن الجنديين جولدن وآرون اللذين فُقدا خلال الحرب على غزة عام 2014 شرقي غزة ورفح، وأعلنت أنهما قُتلا خلال الأسر، في حين اعتبرت الجندي هشام السيد مختلًا عقليا وكذلك الحال مع الجندي منغستو، في سبيل عدم دفع ثمن مقابل إطلاق سراحهم.
لكن في الحقيقة لا تملك (إسرائيل) أي معلومات حقيقية عن الحالة الصحية والنفسية عن الجنود الأربعة، وأن كتائب القسام تمتلك كافة المعلومات حول حالتهم الصحية ووضعهم النفسي.
وأعلنت أن أحدهما هو هشام السيد للضغط على الاحتلال للإفراج عن الأسرى وبدء صفقة بخصوص الجنود الآخرين وهذا يتماشى مع ما أعلن عام 2020، عن مبادرة إنسانية يتم من خلالها توفير معلومات حول الجنود مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى، يتم الاتفاق عليهم في هذا الإطار وتتعلق بالأسرى المرضى والنساء وكبار السن والأطفال وقدامى الأسرى.
لكن حكومة الاحتلال لم تقدِّم أي خطوة فعلية لمعالجة هذا الملف وهذا يرجع لضعف الضغط الذي تمارسه عائلات الجنود الأربعة بخلاف ما حدث مع الجندي شاليط وكذلك غياب الضغط المجتمعي الصهيوني على حكومة الاحتلال.
إضافة إلى ضعف الحكومات التي سرعان ما تتبدل وتتغير خلال الأعوام الأخيرة مما يفقد القدرة على وجود حكومة قوية قادر على اتخاذ القرار، و أن الحسابات الحزبية لكل حكومة ورئيسها تكون مقدمة على حساب الجنود.
هذا أسقط النظرية التي كان يروّج لها الاحتلال على مدار سنوات بأن الأبناء يجب أن يعودوا إلى البيت لكن ثبت أن هؤلاء الأبناء لا قيمة لهم بالنسبة لحكومة الاحتلال وأن المصالح الحزبية هي مقدمة على الجنود.
كل ذلك ينعكس على الحالة العامة لجيش الاحتلال الإسرائيلي خلال السنوات الماضية وأظهرت تخلي قيادة الاحتلال، وخاصة قيادة الجيش عن الجنود في الميدان وتركهم إما أن يُقتلوا وإما أن يُصابوا وإما أن يُجرحوا ولا يتم توفير أي حماية أو تعويض، كما حدث مع عدد من الجنود الذين أصيبوا على حدود قطاع غزة خلال عامي 2014 و 2021، مما أسهم في حالة من الضعف القتالي للجيش الإسرائيلي وزيادة التهرب من الخدمة العسكرية وفقدان الثقة في القيادة العسكرية للجيش الإسرائيلي خلال السنوات الماضية.
كل ذلك بفعل الصمود والعمل المقاوم الذي تم على مدار سنوات الذي رسخ صورة المقاتل الفلسطيني الشرس الذي يدافع عن حقه ويبادر للعمل المقاوم، كما حدث خلال معركة سيف القدس سواء للدفاع المسجد الأقصى أو محاولة تنفيذ عمليات أسر للجنود كما حدث شرق خانيونس في معركة سيف القدس، والتي ارتقى فيها 18 شهيدًا من المقاومين.
نحن أمام قيادة للاحتلال تتخلى عن جنودها في الميدان وتتركهم لسنوات، وقيادة تسعى ليلًا ونهارًا لاستعادة أبنائها الأسرى من جنود الاحتلال، وتقدم الأرواح في السعي لاستعادتهم.