شريط الفيديو الذي عرضته كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس قبل يومين عن الجندي الإسرائيلي، هشام السيد، المحتجز وآخرون لدى الحركة -كما أعلنت من قبل على لسان ناطقها أبو عبيدة– وقد أظهرت الصور للجندي استلقاءه على سرير صحي مزود بجهاز تنفس اصطناعي، ما يثبت صحة كلام أبو عبيدة، أنه طرأ تدهور على صحة الجندي، وإخلاء أي مسؤولية، لطالما اطلع أصحاب الشأن والمجتمع الدولي على هذه القضية وقد بادرت الحركة في ذلك بعرض صفقة تبادل إنسانية للأسرى الفلسطينيين المرضى القابعين في سجون ومعتقلات الاحتلال لسنوات طويلة مقابلًا عن السيد.
فقد قابلت سلطات الاحتلال هذا العرض بالرفض وإحباط أي مسعى من شأنه إنجاح صفقة تبادل للأسري، والاحتلال كعادته يماطل ويزيد في الوقت ليوهم جيشه ومجتمعه أنه مهتم بإرجاع جنوده الأسرى، ويعمل ضمن سياسة الابتزاز والنفس الطويل لتحقيق مكاسب سياسية أو أمنية، ولكنه لم يفلح في ذلك، والواضح أن سلطات الاحتلال تكذب على أهل الجنود، فهي تفضل قتلهم "بنيران صديقة" على أسرهم أحياءً لعدم الخضوع لعملية تبادل للأسرى الفلسطينيين على غرار صفقة وفاء الأحرار التي تمت بتحرير أكثر من ألف أسير فلسطيني وفلسطينية، إضافة إلى أسرى عرب آخرين مقابل الجندي جلعاد شاليط الذي كان في قبضة حماس لما يقارب الخمسة أعوام.
برغم ما تمتلكه سلطات الاحتلال من تكنولوجيا متطورة وتقنيات عالية الدقة في مجال التجسس، وقد تتفاخر بها للتسويق ليس إلا، إضافة إلى أجهزة الاستخبارات السرية التي تعمل ليلا ونهارا على الأرض وفي الجو، فلم تستطِع الوصول إلى طرف خيط يدلها على جنودها الأسرى لدى حماس، ولكنها ستضطر ولو بعد حين لعقد صفقة تبادل للأسرى، لكن المهم الآن إنهاء معاناة الأسرى المرضى كحالة إنسانية، وعدم تسييس هذه القضية، فسلطات الاحتلال تعمل على نشر التفرقة والتعامل بعنصرية بتفضيل الصهاينة "أشكناز" (من أصول غربية) على اليهود "حارديم" (من أصول شرقية)، ويهود "فلاشة" (من أصول إفريقية)، وعنصريتها الواضحة تجاه فلسطينيي الداخل بعدم إعطائهم أيًا من حقوقهم، وهم الأصل في هذه البلاد.
سلطات الاحتلال لا يهمها سلامة جنودها وأسراها باسترجاعهم أحياء لا أمواتا، وكل ما تدعيه عن صفقة تبادل وإشراك أطراف خارجية للوساطة مع حركة حماس، ما هنو إلا ذر للرماد في العيون لتخفيف الضغوطات الداخلية على الحكومة، لكون كل حكومات الاحتلال السابقة حال الحكومة الحالية من حكومة أولمرت وليفني، وحكومة نتنياهو وغانتس، وقبلها حكومة نتنياهو وليبرمان، كلها تعمل لمصالحها الشخصية والحزبية وما يوعدون به الناخب من أجل الدعاية الانتخابية، وقد تبين هذا واضحًا أن كل الأحزاب الصهيونية على كثرتها وتطرفها، غير جاده في التجاوب مع طرح صفقة تبادل للأسرى لا جزئية ولا كلية، وغير مستعدة لأي تكلفة سياسية أو أمنية تؤثر في مستقبله السياسي في ظل السباق على كرسي الحكم لدى الاحتلال.