قائمة الموقع

جسر العودة.. وثائقي يروي حكاية مدينتين في الموروث الثقافي والتاريخي

2022-06-26T08:13:00+03:00

"جسر العودة"، فيلم وثائقي قصير يتناول قصة مدينتين عريقتين طُردَ منهما الفلسطينيون والفلسطينيّات إبان النكبة، ويركّز على روايات النساء ليعرض جوانب مغيّبة من التاريخ والموروث الثقافي.

مخرج الفيلم عصام بلان، يوضح لصحيفة "فلسطين" بأن فيلم جسر العودة هو فيلم وثائقي من إنتاج جمعية كيان، يهدف إلى إحياء القضية الفلسطينية وذكرى النكبة والتهجير من منظور مختلف ومميز، ويسعى إلى تعزيز الانتماء والتمسك بالهوية الفلسطينية وحق العودة تحديدًا، وذلك من خلال استحضار حياة الشعب الفلسطيني ما قبل النكبة، خلالها وبعدها اعتمادًا على شهادات معاصريها والحوار مع أبنائهم وأحفادهم مع التركيز على روايات النساء لاستعراض الجوانب المغيبة من موروثنا الثقافي.

وكيان هي تنظيم نسوي، عملت على تنفيذ الفيلم بدعم من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وإشراف مؤسسة التعاون.

ويشير إلى أن فيلم "جسر العودة" يسلط الضوء على مدينتين فلسطينيتين عريقتين لهما مجدهما قبل الاحتلال، ولم يعد على ذكرهما أحد، خاصة بئر السبع وصفد "المهمشتين"، ويركز على الجوانب الثقافية والحضارية للحياة في فلسطين قبل النكبة في هاتين المدينتين تحديدًا.

أراد بلان باختيار صفد التي تقع أقصى شمال فلسطين وبئر السبع الواقعة في أقصى جنوبها، القول بأن القضية الفلسطينية هي قضية واحدة تجمع أبناء الشعب الفلسطيني بأكمله، بالرغم من الاختلاف الجغرافي والاجتماعي، "فنحن نتحدث عن مأساة واحدة حلّت بشعب واحد، وكما أن القصص والروايات وحلم العودة تجمع المدينتين كسائر المدن الفلسطينية".

ويوضح أن أحداث الفيلم تدور بين المدينتين (صفد وبئر السبع) بشكل متواصل، وذلك من خلال الشخصيات التي تعود جذورها إلى هاتين المدينتين. 

نرى في بداية الفيلم الحاجة أم فايز (انتقلت إلى رحمته تعالى بعد التصوير معها عن عمر ناهز 90 عامًا)، وهي من مهجري قضاء صفد، تجلس بمنطقة مرتفعة مطلة على مدينة صفد، صامتة، غاضبة الملامح، تتأمل وتعيد ذكرياتها في هذه المدينة التي احتلتها قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1948.

وبالمقابل نرى الفتاة الفلسطينية "آلاء" تسير بين أهم المعالم الفلسطينية التي بقيت في صفد في رحلة البحث عن بيت جدها الذي هجّر منه. 

بعد ذلك نراها تلتقي مع المؤرخ الفلسطيني د. جوني منصور، يتجولان معًا في أحياء صفد ويستحضران حياة عائلات وبيوت المدينة وتاريخها.

تباعًا تنتقل الكاميرا إلى منطقة النقب المحتلة حيث مدينة بئر السبع، فنرى هناك الفتاة النقباوية "أمجاد" تلتقي بالمحاضر ابن النقب د. منصور النصاصرة في محطة القطار التاريخية إذ يدور حوار بينهما حول أهمية مدينة بئر السبع الثقافية والحضارية والتاريخية ما قبل النكبة، ومن ثم تنتقل معهما الكاميرا بجولة إلى أهم المعالم التاريخية في المدينة.

ويلفت بلان إلى أن الانتقال البصري المستمر بين صفد والنقب، لنظهر للمشاهد أن الفيلم يتحدث عن نفس المعاناة التي حلّت على الشعب الفلسطيني. 

فعند العودة بالكاميرا إلى صفد نتعرف إلى السيد سعيد صفدي، وهو من مهجري مدينة صفد، نراه يتجول على أطلال الأماكن والذكريات التي ما زالت محفورة في ذهنه، فبيت عائلته ما زال شاهدًا على النكبة، وشجرة خاله ما زالت شامخة تنتظر عودة المهجرين، وخلال جولته يلتقي بالحاجة أم فايز ليدور حديث قصير بينهما يستحضران من خلاله ذكريات المدينة.

جسر بين الأجيال

تعود تسمية الفيلم بهذا الاسم "جسر العودة" للتركيز على أهمية الجسر الذي من خلاله يتم نقل الروايات والموروث الثقافي الفلسطيني من جيل عايش النكبة وما قبلها إلى الجيل الجديد البعيد عنها، اعتمادًا على شهادات معاصريها والحوار مع أبنائهم وأحفادهم وترسيخ حق العودة الذي لا تنازل عنه.

ويبين بلان أن فيلم "جسر العودة" يتميز عن بقية الأفلام الوثائقية التي عرضت قضية النكبة الفلسطينية والهم الفلسطيني عمومًا، بأنه استعمل أسلوبًا إخراجيًّا مميزًا إذ إنه خلال الفيلم لا تعرض المقابلات الصحفية الكلاسيكية التي يجريها عمومًا المخرج في الفيلم الوثائقي، بل استطاع عرض المعلومات والمضامين المختلفة من خلال الحوار بين شخصيات الفيلم، وخصوصًا بين كل من "راية" و"وأمجاد" مع الشخصيات الأخرى، وذلك لإظهار شغف وانتماء هاتين الفتاتين اللتين تمثلان الجيل الجديد بالبحث عن جذورهما الفلسطينية ورفع الوعي لديهما بالقضية الفلسطينية بشكل عام، ويظهر ذلك أيضًا باستحضار الأماكن التي كانوا يزورونها ويتوقفون عندها.

ويلفت بلان إلى أنه استخدم الصور الأرشيفية لتلكما المدينتين ووظفها بشكل مناسب داخل الحوارات لتأكيد الأهمية التاريخية والثقافية والحضارية للحياة الفلسطينية فيهما قبل النكبة، وفي النهاية استعمال الحوار واللغة البسيطة للمضامين لتكون مفهومة وواضحة ومتاح فهمها لجمهور واسع لا يقتصر فقط على شريحة معينة من الجمهور.

روايات النساء

وقد تم تسليط الضوء على روايات النساء لاستعراض الجوانب المغيبة من موروثنا الثقافي، لكونه قلما يرى المخرج في الأفلام الوثائقية الفلسطينية دورًا مهمًّا للنساء الفلسطينيات في النضال والمقاومة، "فقد كان وما زال للمرأة الفلسطينية دور مهم في تربية أبنائها على الانتماء للقضية الفلسطينية وتوريث الذاكرة والعهد والإصرار على حق العودة"، كما يؤكد. 

ويسعى الفيلم لإيصال رسالته بإحياء القضية الفلسطينية وذكرى النكبة والتهجير وتعزيز الانتماء والتمسك بالهوية الفلسطينية وحق العودة، وأهمية الحفاظ على الذاكرة الجماعية التي تعزز الحفاظ على الوجود الفلسطيني، ورفع وعي الشباب وتنمية شعور الانتماء والفضول لمعرفة المزيد.

ويعتقد بلان بأن هذا العمل يندرج ضمن العديد من الأعمال المهمة التي وثّقت الهم الفلسطيني وأسهمت في رفع الوعي الوطني والانتماء وخصوصًا لدي شريحة الشباب الفلسطيني الذي يثبت يومًا بعد يوم بأنه على العهد سائر وأنه يلغي المقولة الكاذبة: الكبار يموتون والصغار ينسون!

اخبار ذات صلة