يميز الإعلام الجديد أو البديل عن الإعلام الجماهيري التقيلدي بأنه يعول على شبكة الانترنت العنكبوتية في عالم اتصالي مفتوح بلارقيب . ومع ظهور وسائل إعلام الكترونية متطورة وخاصة في بداية الألفية الثالثة ازداد التفاعل الاجتماعي بسرعة وحقق رجع صدى سريعا سواء لدى المتلقي كعضو في المجتمع بشكل عام أو تحديدا في سوق العمل ولدى صناع القرار والساسة وغيرهم بتكاليف أقل وسرعة زمنية متناهية اعتمادا على الوسائل ذات الحوسبة المتقدمة وتكنولوجيا الاتصالات ومن خلال الشبكات الألكترونية.
ولقد أدى كل ذلك إلى انحسار الدور المسؤول للقائم بالاتصال التقليدي المهني والمقتدر إعلاميا، ولم يعد بإمكانيته التحكم في توجيه رسائله الاتصالية، وبات بمقدور كل الأفراد التصرف والقيام بدور القائم بالاتصال بشكل انفلاتي انطلاقا من خبراتهم وممارساتهم التي يمتلكونها ووفقا للقيم الأخلاقية التي يتمتعون بها .
ولقد ظهرت نظرية المسؤولية الاجتماعية في الإعلام في النصف الأخير من القرن التاسع عشر "كبديل للنظرية الليبرالية من واقع الحرص على أداء أفضل لوسائل الإعلام تجاه المجتمع"، حيث دعا أنصارها إلى إعادة صياغة الأسس والمبادئ التي قامت عليها نظرية الحرية؛ وذلك لمواكبة المتغيرات التقنية والاجتماعية للمحافظة على ما تبقى من قيم وأعراف في المجتمع الغربي، لكن الدراسات الغربية التي يعدّها المتخصصون في حقل الإعلام تُبين من نتائجها فرقًا كبيرًا بين الأسس الفكرية للنظرية والمنطلقات الاجتماعية التي نشأت عليها النظرية، أي ما بين أدبيات النظرية وفهم القائمين بالوسائل الإعلامية والمشتغلين بها، فلا شك أنّ النظريات الإعلامية نشأت وتبلورت تحت تأثير التيارات الاجتماعية والسياسية التي أفرزتها الظروف التاريخية (1).
وعن مفهوم المسؤولية الإجتماعية تقول الباحثة نهى الدوسري "فقد أكد 84% من الشباب معرفتهم ببرامج المسؤولية الاجتماعية، و 26% يجهلون معنى المسؤولية الاجتماعية، وفي سؤال طرحته الباحثة عن متابعة تلك البرامج أجاب الأغلب أنهم يتابعونها أحياناً وليس دائماً. ووافقت العينة بنسبة 53% على أن المنظمات تسعى لنشر برامجها في وسائل الإعلام الجديد، بينما يرى 57% أن المنظمات لم تطرح برامج مسؤولية اجتماعية ولم تقم بتفعيلها".
وأضافت بأن الإعلام الجديد أسهم في تنمية المسؤولية الاجتماعية في المجتمع، ودوره في السماح للمجموعات بإمكانية اللقاء والتجمع عبر صفحات الإنترنت وتبادل المعلومات، مشيرة إلى أن هذا المجال يمثل بيئة تسمح للأفراد، والمجموعات أيضا، بسماع أصواتهم، وأصوات مجتمعاتهم للعالم(2).
ومن هنا تظهر لدينا أهمية المسؤولية الاجتماعية للإعلام الجديد تجاه الفرد، ومسؤولية الفرد نفسه تجاه المسؤولية الإجتماعية الملقاة على عاتقه، من خلال الحرية المطلقة المتاحة له في استخدام وسائل الاعلام الجديد.
في ضوء هذه النتائج نجد أن هناك ضرورة تحتم وضع ضوابط تنظم عملية الاتصال والتواصل من أجل سلامة المجتمع والحفاظ على قيمه وعاداته وتقاليده وحصانة أفكاره من التعرض للبروباغاندا الموجهة وما تتضمنه من بث للفرقة والكراهية والارهاب والتكفير والطائفية، خصوصا وأن الإعلام الجديد يحفز "على التكوين السريع للمجتمعات، والتواصل بين أفراده بطريقة أكثر كفاءة، وله دور كبير في التواصلية، حيث تزدهر جميع قنواته بتواصليتها بمشاركتها مواقع أخرى"(3).
وهناك متطلبات عديدة يمكن أن تكون وسائل تدعم المسؤولية الاجتماعية من قبل الإعلام بشكل عام منها: القوانين الوضعية للنشر ومواثيق الشرف الإعلامي، ومنها مايتعلق بالخطاب الإعلامي الموجه للجمهور بحيث يجب أن يكون إيجابيا ودقيقا وهادفا ويستفيد منه كمعلومات إضافية يتزود بها في كل ساعة وهذا حق له، وهناك ما يتعلق بمهارة ومهنية القائم بالاتصال نفسه، والابتعاد عن القيام بأي عمل يمكن أن يشكل إساءة لسمعة المهنة و مكانتها مثل قبول الرشاوى والهبات أو الانخراط بعمل سياسي على حساب مسؤوليته كإعلامي وكل ما يتعلق بالاذعان لمصالح خاصة أو فئوية، أو حتى تجنيد نفسه للعمل مع أجهزة استخبارية تسيره خلافا لمتطلبات رسالته الاعلامية، كذلك على وسائل الإعلام النأي عن الضبابية والمبالغة، وأن تكون أمينة ومؤتمنة على المعلومات، وأن تلتزم الموضوعية والحيادية بحيث تتبنى عرض كل الأراء دون التجاهل أو التعتيم على أحدها كونها مسؤولة عن إضفاء صورة ايجابية عن المجتمع داخل البلاد وخارجها، وأن تكون حذرة من الانزلاق في التفرقة على أساس عرقي أو مذهبي أو طائفي أوسياسي، وأن تجنح في خطابها ورسائلها الاتصالية نحو السلام.
1- عدي قاقيش ، نظرية المسؤولية الاجتماعية في الإعلام ، سطور ، 6 أغسطس 2019
2- أ.د علي عبد الله ، المسؤولية الاجتماعية والإعلام الجديد ، الشرق ، 9 سبتمبر 2012
3- المصدر السابق