فلسطين أون لاين

تقرير تشريح الجثث افتراضيًّا يوصل "تالا" إلى وكالة "ناسا"

...
رام الله-غزة/ مريم الشوبكي:

بينما كانت معلمة تكنولوجيا المعلومات تشرح درس الواقع الافتراضي للصف الحادي عشر (علمي)؛ سرحت تالا دراج بخيالها ودار سؤال في ذهنها: "هل هناك جثث افتراضية تجرى التدريبات عليها؟"، ترددت كثيرًا في طرحه على معلمتها، خشية من ردة فعلها.

شعرت المعلمة فاطمة عارووي بأنّ تالا تريد أن تقول شيئًا ما ولكنها مترددة، استجمعَت قواها وسألَتها: "ليش ما في جثث افتراضية؟"، لم تستنكر المعلمة السؤال، بل طلبت منها البحث جيّدًا في الأمر والاطّلاع أكثر، ووعدتها بأن تساعدها في ابتكار لتطبيق فكرتها.

تالا (17 عامًا) من مدرسة نور الهدى التطبيقية للبنات في بيتونيا، الشغوفة جدًّا بالطب وحلمها أن تصبح طبيبة يومًا ما، أخذت تبحث عن جواب سؤالها "الجثث الافتراضية"، لم تجد إلا تطبيقات لجثث بتقنية "3D" وليست بتقنية الواقع الافتراضي، وأرادت التعرف أكثر إلى مدى أهمية وجود هذه التقنية لطلبة كليات الطب، والأطباء أيضًا.

ثابرت تالا بمساعدة معلمتها لابتكار تقنية "الجثث الافتراضية"، واستطاعت الفوز بمسابقة (Techtalant) التي تُنفّذها مؤسسة النيزك الفلسطينية، وهو برنامج ريادي إبداعي يحتضن المواهب العلمية الشابة في مجالات البحث العلمي والابتكارات والاختراعات وعالم البرمجة.

ويستهدف البرنامج طلبة صفوف التاسع والعاشر من المدارس الفلسطينية كافة ليتنافسوا في تطوير وتقديم أفكار ومشاريع وتطبيقات ريادية مبتكرة قابلة للتحول إلى مشاريع تطبيقية تُنفّذ على أرض الواقع.

ويُوفّر البرنامج للمشاريع المقبولة مساحة كافية للإبداع، وفرصة الفوز برحلة تعليمية مميزة إلى أهم المرافق العلمية في الولايات المتحدة الأمريكية وزيارة وكالة الفضاء "ناسا".

وللوصول إلى إجابات شافية، والتعرف إلى مدى الحاجة لوجود تقنية الواقع الافتراضي في التدريبات الطبية أجرت تالا استبانة، وجّهتها إلى كليات الطب في جامعات: القاهرة المصرية، وباريسال في بنغلادش، وأبو ديس في مدينة القدس المحتلة.

تُبيّن تالا لـ"فلسطين" أنّ 90% من المستطلَعة آراؤهم من طلبة كليات الطب أكدوا ضرورة وجود نظام تدريبي افتراضي، إذ يمكن أن يُقلّل من الأخطاء الطبية، و86% من الأطباء أكدوا ذلك أيضًا.

وتوضّح أنّ فكرة مشروع نافذة التشريح تقوم على توظيف تقنيات الواقع الافتراضي في المجال الطبي عامة، ومجال العمليات الجراحية خاصة.

وتذكر تالا أنها صمّمت تطبيقًا شاملًا لطلاب الطب، ثم حُوّل إلى منصة تعليمية تدريبية افتراضية شاملة.

وإذ يمكن أن تتيح المنصة عدة اختيارات لعمليات التشريح الافتراضي؛ اختارت تالا العمل على عملية افتراضية لتفتيت حصوات الكلى باستخدام المنظار، تشاهد بنظارات الواقع الافتراضي (VR).

تقول: "نظارات الواقع الافتراضي تُحاكي البيئة المفترضة لغرف العمليات الجراحية، وتجري عملية تفتيت، وإزالة حصوات الكلى بالتفصيل، وتشعرك بجميع الخطوات العملية من تعقيم، وشق الجثة إلى إدخال المنظار مع الكاميرا، وتحديد مكان الحصوة، وتفتيتها ثم سحب الفتات، وتنظيف الكلية، وسحب المنظار، وخياطة الجرح".

وتضيف تالا: "إضافة إلى خانة الرعاية الأولية، وخانة تشريح جسم الإنسان، والعديد من المميزات الإضافية داخل التطبيق مثل: الدورات (الكورسات) التي من الممكن أن يشاهدها طالب الطب قبل إجرائه العملية لتقريب الصورة له، وخانة المحادثات، وخانة الامتحانات، وخانة الشهادات".

وتلفت إلى أنها تقدمت إلى مسابقة مؤسسة النيزك نهاية 2021م، وخاضت عدة مراحل تصفية إذ شاركت فيها محافظات: قطاع غزة، والضفة، والقدس المحتلة، بواقع 7000 طالب وطالبة، وفي آخر مرحلة تنافس على المراتب العشرة الأولى 46 مشروعًا.

وتُعبّر تالا عن امتنانها لمساندة والديها، ومدرستها ومديرة المدرسة التي تكفّلت بتطبيق المشروع ليرى النور.

وتطمح إلى تطبيق مشروعها الضخم بجميع خاناته في الواقع الافتراضي، وتأمل بعد زيارتها إلى وكالة ناسا الأمريكية تبنّي مشروعها لتحويله إلى حقيقة علمية.