ترك فايز الكركي المدرسة ولاحق شغفه في الرسم والفن التشكيلي، مُطاردًا أصحاب الحرف والصناعات البلاستيكية، مبحرًا في عالم التصوير حتى رسا بتأسيس "فنزاتي" وهي مساحة إبداعية تقع في مدينة الخليل تتوفر فيها جميع الموارد اللازمة للإنتاج اليدوي والسينمائي.
كبُر حلم الكركي أمام عينه وأصبح يضم مبدعين فلسطينيين جمعهم الشغف ذاته، وحصد مؤخرًا جائزة التعاون للتميز والإنجاز في القطاع الثقافي لعام 2021، والتي تقدمها مؤسسة التعاون الدولية.
كان الكركي (25 عامًا) قد غامر بترك المدرسة من الصف التاسع، واختار أن "يدعك" في سوق العمل، وخوض تدريبات ذاتية، واضعًا هدفه أمام عينيه ويبحث عما يطور موهبة الرسم لديه.
يقول لـ"فلسطين": "تعلّمت النجارة، والحدادة، والهندسة، وتعرفت على المواد والأدوات التي يستخدمها الصنايعية، فمن الصغر أحب الرسم، وتشكيل المجسّمات الحرفية، وشغوف جدًا بمشاهدة الرسوم المتحركة حتى أعرف كيف يتم صناعتها".
ويتابع الكركي: "بعدما أتقنت كل تلك الأمور، بدأت بالتعلم تدريجيًا وأتقنت صناعة المجسمات، حتى تعرفت بالصدفة على حاضنة تطوير الأعمال بإحدى الجامعات، وفيها دخلت مشروعًا تدريبيًا لتأسيس شركة، ومعلومات عن كيفية التسويق لمشروعي".
وبعدها عمل على تأسيس شركته "بال موشين"، وهي شركة مختصة في جميع أنواع الفنون البصرية والسمعية والهندسية وأفلام الأنيميشن.
ويقول إن الشركة تعتمد في أعمالها على تقنية الإطارات الثابتة أو فن التصوير المتعاقب، وهي تقنية تحريك الرسوم والصور عن طريق التلاعب بها لتظهر وكأنها تتحرك ذاتيًا، ويحدث ذلك عن طريق تصوير الغرض -الجسم المراد تحريكه- صورًا متعاقبة، مع إضافة تغيير بسيط في كل صورة، بحيث يكون الفرق بين أي صورة والصورة التي تليها هو حركة بسيطة لا تتعدى 1/24 من الثانية من زمن الحركة الطبيعي، وعند عرض هذه الصور بشكل متسلسل وسريع يحدث عند المتفرج إيهام بالحركة. وعادةً يتم استخدام الدمى ذات المفاصل المتحركة أو دمى الصلصال في هذه التقنية وذلك لسهولة تحريكها وتغيير أوضاعها
ويضيف الكركي أنه حينما قرر تحويل كل الرسومات إلى مجسمات، بدت التكاليف عالية ولكنه استطاع تجاوزها مستفيدًا من إعادة تدوير الأدوات البلاستيكية لصناعة هذه المجسمات.
ويشير إلى أنه تعلم أصول صناعة البلاستيك، ثم انتقل إلى النجارة ليتعرف على كيفية استخدام الأدوات اللازمة لتصنيع المجسمات.
وبعدما نجح في صناعة المجسمات، خطا الكركي خطوته الثانية بالدخول إلى عالم التصوير، إذ يبين أنه أراد تعلم هذا الفن من أجل عرض المجسمات على الإنترنت، فبدأ بتعلم تكوين الفيديو القصير، ومن ثم اتجه نحو تعلم الفيديو المتحرك الذي يجمع سبعة تخصصات مختلفة.
ويلفت إلى أن "فنزاتي" يتيح مساحات لجميع الناس من حرفيين وفنانين ومبدعين وطلاب جامعات ومدارس.
وعن الصعوبات التي واجهته خلال سنوات تحقيق حلمه، يذكر الكركي أنه في البداية واجه غلاء أسعار المواد الخام، وعدم توفر العديد من الأدوات اللازمة، لذا اتجه نحو إعادة تدويرها من البيئة المحيطة به.
وينبه إلى أن الهدف من "فنزاتي" هو فتح فرص لجميع المشاريع الناشئة، والأشخاص المبدعين والفنانين، بمعنى استغلال الفرص، والاستثمار فيها لصالح المجتمع واستغلال طاقات الشباب بالإبداع وإظهار الفن في فلسطين والعالم.
ويقول الكركي إن فوز مبادرته "فانزاتي" بالمركز الأول لجائزة التعاون للتميز والإنجاز، "ليس نجاحًا شخصيًا لي، وإنما هو نجاح لكل من سيستفيد من مساحات فنزاتي وهدفها الأساسي إتاحة الفرصة لكل شخص لديه طموح، ولديه إبداع وشغف وحرفة".
ويطمح أن يصل بـ"فنزاتي" للعالمية، وينافس في صناعة عالم الإنيميشن، والرسوم المتحركة.
ويختم الكركي حديثه برسالة لكل شاب لديه حلم وموهبة: "ابحث عما يطور موهبتك، لا تنتظر أحدهم أن يقدم لك يد المساعدة، بل اعمل بيدك وتعلم أي شيء من أجل تحقيق حلمك، وستجد نفسك في النهاية واصلًا لهدفك".