يملك المزارع كاظم الحاج محمد وأشقاؤه أزيَّد على 200 دونم في منطقة القابون شرقي قرية المغيَر الواقعة في الشمال الشرقي لمدينة رام الله، لكن في الواقع ليس بإمكانه زراعتها كاملة وقتما يشاء، ليس ذلك فحسب، لقد أصبح ممنوعًا من استصلاحها أيضًا من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
قبل أيام قليلة تسلّم الحاج محمد ومزارعون آخرون في قرية المغيَر، إخطارات بعدم زراعة أراضيهم أو استصلاحها، وهي المهنة الوحيدة التي يجلب منها قوت عائلته منذ ما يزيد على 20 عامًا قضاها في العمل مزارعًا.
لكن طيلة هذه الأعوام لم يتعرض لمضايقات وانتهاكات الاحتلال والمستوطنين مثل التي يواجهها حاليا وجميع مزارعي قرية المغير المهددة أراضيهم بالمصادرة لصالح مشاريع التوسع الاستيطاني.
وقال: لقد أوصلنا الاحتلال إلى مرحلة أن نشاهد أراضينا أمامنا ولا نقدر على فعل شيء فيها.
وأضاف لصحيفة "فلسطين" أنّ الانتهاكات بحقهم لا تتوقف على جنود الاحتلال والإخطارات التي يتسلمونها منهم، بل إنّ الأمر يصل لاقتلاع الأشجار وتخريب الأراضي الزراعية من المستوطنين تحت حراسة مشددة من قوات الاحتلال.
ومقابل عمليات الاقتلاع والتخريب، يقيم المستوطنون بؤرًا استيطانية جديدة لهم بمرور الزمن، حتى وصل الأمر إلى إحاطة القرية وأراضيها بالمستوطنات.
وتابع الحج محمد أنه كان يزرع في أرضه زيتونًا ولوزًا وخضراواتٍ وغيرها من المزروعات التي باتت كلها محطّ استهداف قوات الاحتلال بغرض السيطرة عليها وتفريغها من المزارعين الفلسطينيين تمامًا لصالح المستوطنين.
ويتعهد المزارع بالبقاء في أرضه رغم عمليات القمع والمصادرة التي يمارسها المستوطنون وجنود الاحتلال ضد المزارعين.
وقال: "إن اقتلعوا شجرة زيتون واحدة سأزرع عشرة بدلًا منها، ولن نترك لهم أرضنا".
وتأتي عمليات المصادرة ضمن مخطط تهويد الأراضي الفلسطينية المحتلة بالمشاريع الاستيطانية القائمة على مصادرة ممتلكات المواطنين الفلسطينيين وضمها لكبرى المستوطنات في الضفة الغربية التي باتت تعدها حكومة الاحتلال جزءًا لا يتجزأ من (إسرائيل).
وقال رئيس مجلس قروي قرية المغير شرق رام الله أمين أبو عليا، إنّ جيش الاحتلال يتعمّد استهداف قرية المغير منذ احتلال الضفة الغربية بالكامل سنة 1967، وذلك بسبب موقعها الجغرافي، إذ إنها تفصل بين مدينة رام الله شرقًا والأغوار التي يفرض الاحتلال سيطرته عليها بالكامل.
وأضاف أبو عليا لـ "فلسطين"، أنه خلال مرحلة خروج الفدائيين الفلسطينيين من الأردن، كانت المغير منطقة تنقُّل واحتكاك لهؤلاء الفدائيين، وحال الاحتلال دون وجود المواطنين الفلسطينيين فيها منذ ذلك العهد، لكن في مراحل لاحقة وتحديدًا في عقد السبعينيات من القرن الماضي؛ عاد المواطنون إليها وأنشأوا مشاريع رعوية وزراعية.
وبيَّن أنّ المزارعين استهلكوا إمكانيات كبيرة لتعمير أراضيهم الزراعية في المغير قبل أن تأتي سلطات الاحتلال وتمنعهم من الزراعة والاستصلاح، لافتًا إلى أنّ هدف الاحتلال من كل ذلك هو السيطرة على الأرض التي لم يبقَ للمواطن الفلسطيني سواها.
وأكمل أنّ الصراع على الأرض بالنسبة للشعب الفلسطيني أولى الأولويات، وهذا يدفعنا للاستمرار في الحفاظ عليها وتعزيز صمود المزارعين من خلال المؤسسات الداعمة لهم من أجل تثبيتهم.
وذكر أبو عليا أن ثقافة المزارع الفلسطيني قائمة على عدم ترك أرضه رغم انتهاكات الاحتلال وإنما استخدامها والاستفادة منها وعدم التفريط بها.