فلسطين أون لاين

تقرير مرصد "الفاتح" يقوض "أسطوانة الردع الإسرائيلية" ويضع حكومة بينيت في مرمى الانتقادات

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

في اليوم نفسه الذي استهدف فيه جيش الاحتلال مرصد "الفاتح" التابع لكتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس والمُشيّد قبل أشهر قبالة مستوطنة "نتيف هعسراه" شمال القطاع، أعادت القسام ترميمه وبناءه، ليظهر الاحتلال عاجزًا وبصورة ضعيفة أمام جمهور المستوطنين الذين اشتكوا كثيرًا من وجود برج المراقبة أمامهم.

بصورة كبيرة لشهداء جنين وهم يوسف صلاح، وبراء لحلوح، وليث أبو سرور، الذين اغتالهم الاحتلال الجمعة الماضية في مدينة جنين، زيّنت الكتائب مقدمة البرج، وتعلوه رايات حركة حماس وعلم فلسطين.

وفي وقت عدَّ فيه ناشطون فلسطينيون أنّ إعادة ترميمه تُمثّل رسالة تحدٍّ للاحتلال تؤكد ثبات المقاومة وإصرارها على مواجهته وفرض واقع جديد في المنطقة، عبّر محللون وناشطون إسرائيليون عن غضبهم من جرّاء ما قالوا إنه “ضربة لقوة الردع” لدى جيش الاحتلال، مؤكدين أنّ في ذلك نقطة انتصار تُسجّل لحركة حماس.

وقال الصحفي الإسرائيلي أمير بخبوط في مقطع فيديو عبر تيك توك: “قدرة حماس على ترميم الموقع القريب من مستوطنة (نتيف هعسراه) بسرعة يمسُّ بقوة ردع الجيش الإسرائيلي الإقليمية خصوصًا حينما نتحدث عن وعيٍ ورأيٍ إعلاميٍّ وصورة انتصار”.

وأثار فشل الاحتلال في تدمير المرصد، سيلًا من انتقادات وسخرية الإعلاميين الإسرائيليين والمستوطنين عبر منصات التواصل الاجتماعي.

عن عدم تدمير صاروخ الاحتلال لمرصد الفاتح علّق أحد المستوطنين ساخرًا: "واااو، هل أطلقوا عليه رصاصة مطاط؟"، على حين تساءل آخر: "ماذا عن الجسر والمدرج الحديد؟ –بقي على حاله؟! واستهجن مستوطن ثالث عدم تدميره بالكامل: "ما هذا الهراء؟ لماذا لم يتم إنزاله؟".

حالة من الغيظ

ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي، أنّ الاحتلال ينظر لإعادة ترميم المرصد شمال القطاع بـ"حالة من الغيظ نتيجة أنه لم يُحقّق مراده ويُظهر ضعف الاحتلال وهزالة موقفه أمام المجتمع الإسرائيلي بأنّ الضربات التي يُوجّهها داخل القطاع والتي يتم ترميمها في ذات اليوم ليست ذات قيمة ولا تؤثر في قدرات المقاومة ولم يردعها".

يقول الرفاتي لصحيفة "فلسطين": إنّ ترميم المقاومة للمرصد أدى إلى "سيل من التصريحات الإسرائيلية التي تنتقد سياسة الاحتلال في منطقة السياج الفاصل مع القطاع وتجاه المقاومة التي تظهر من خلال بعض تعليقات المستوطنين من المستوطنات المُحاذية، وأعطت صورة أنّ حكومة الاحتلال لم تستطع ردع المقاومة وثنيِها عن ترميم البرج".

وأضاف: "هذا الأمر أخذ بُعدًا داخل دولة الاحتلال، ويُظهر ضعف السياسة الإسرائيلية تجاه القطاع والمقاومة وعدم قدرة الاحتلال على فرض معادلات على المقاومة وردعها عن إقامة أبراج مراقبة قرب السياج الفاصل".

ومنذ إقامته، ظلّ هذا المرصد مصدر إزعاج وقلق للمستوطنين الذين اشتكوا أكثر من مرة، من رصده حركتهم من مسافة قريبة.

ويعزو الرفاتي سبب أخذ المرصد بُعدًا إعلاميًّا كبيرًا لتسليط الإعلام العبري الضوء عليه، وكذلك زيادة شكاوى المستوطنين في "نتيف هعسراه" منه، بأنّ المقاومة تراقبهم على مدار الساعة، ما قد يجعلهم أهدافًا يمكن أن تضربها، ما أعطى البرج زخمًا إعلاميًّا.

ويُمثّل إعادة ترميم المقاومة للبرج، وفق الرفاتي، تحديًا للاحتلال بأنّ كل تهديداته السابقة لم تدفع المقاومة لإزالة البرج، وقد تشهد المرحلة المقبلة زيادة عدد أبراج المراقبة على طول السياج الفاصل، وتُمثّل تحديًا لمنظومة الاحتلال الأمنية والعسكرية التي لم تنفك عن إيجاد وسائل لمحاولة منع المقاومة من مراقبة الأراضي المحتلة عام 1948 عبر إقامة العديد من الحواجز وموانع الرؤية وزراعة الأشجار الكثيفة وغيرها من الأدوات.

رسائل إصرار

ويشير الرفاتي إلى أنّ المقاومة أرسلت عدة رسائل للاحتلال بإعادة ترميم البرج، أنها تُصرُّ على عملها بالمناطق المُحاذية للسياج الفاصل وعدم تركها لجيش الاحتلال، ورسالة أخرى أنّ كل الضربات التي يقوم بها داخل غزة يتم ترميمها بشكل سريع، وهذا ما تحدثت عنه قيادة المقاومة بعد معركة "سيف القدس" التي وقعت في 10 مايو/ أيار 2021 أنّ ما خسرته في الأنفاق قامت بترميمه خلال مدة قصيرة.

من جانبه، يرى الخبير الأمني د. إبراهيم حبيب، أنّ الاحتلال أراد بتدمير البرج منع المقاومة من رصد تحركاته، لكنّ المقاومة رمّمته مباشرة بعد استهدافه لتوصل رسالة أنها لن تسمح بتغيير قواعد الاشتباك التي أرستها في معركة "سيف القدس" وأنها ستردُّ على كل اعتداء يمارسه الاحتلال بالمثل.

ويقول حبيب لصحيفة "فلسطين" إنّ المقاومة لن تتراجع عمّا حقّقته ورسّخته من قواعد وأنّ هذه المناطق التي لا تبعد عن السياج الفاصل سوى 300 متر ولا يمكن للاحتلال التلاعب بها، وأنّ عيونها باقية في رصد تحركات الاحتلال.

ويُعتقد أنّ مرصد "الفاتح" من أهم المراصد على طول السياج الفاصل، ويرصد حركة المستوطنين ويُراقب تحركات الاحتلال في المناطق المُحاذية.

 

المصدر / فلسطين أون لاين